الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قَدۡ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوۡلَ ٱلَّتِي تُجَٰدِلُكَ فِي زَوۡجِهَا وَتَشۡتَكِيٓ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَسۡمَعُ تَحَاوُرَكُمَآۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعُۢ بَصِيرٌ} (1)

مقدمة السورة:

مدنية وآياتها 22 ، إلا أن النقاش حكى أن قوله : { ما يكون من نجوى ثلاثة } مكي .

قوله عز وجل : { قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ التي تُجَادِلُكَ في زَوْجِهَا } الآية : اختلف الناس في اسم هذه المرأة على أقوال ، واختصار ما رواه ابن عباس والجمهور : " أَنَّ أَوْسَ بْنَ الصَّامِتِ الأَنْصَارِيَّ ، أخا عبادة بن الصامت ، ظَاهَرَ من امرأته خَوْلَةَ بنت خُوَيْلِدٍ ، وكان الظهارُ في الجاهلية يُوجِبُ عندهم فُرْقَةً مُؤَبَّدَةً ، فلما فعل ذلك أَوسٌ جَاءَتْ زَوْجَتُهُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إنَّ أَوساً أَكَلَ شَبَابِي ، وَنَثَرْتُ لَهُ بَطْنِي ، فَلَمَّا كَبِرْتُ وَمَاتَ أَهْلِي ، ظَاهَر مِنِّي ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم : ( مَا أَرَاكِ إلاَّ حُرِّمْتِ عَلَيْهِ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لاَ تَفْعَلْ ؛ فَإنِّي وَحِيدَةٌ لَيْسَ لِي أَهْلٌ سِوَاهُ ، فَرَاجَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ مَقَالَتِهِ فَرَاجَعَتْهُ ، فَهَذَا هُوَ جِدَالُهَا ، وَكَانَتْ في خِلاَلِ جِدَالِهَا تَقُولُ : اللَّهُمَّ إَلَيْكَ أَشْكُو حَالِي وانفرادي وَفَقْرِي ) ، وَرُوِيَ أَنَّها كَانَتْ تَقُولُ : ( اللَّهُمَّ ، إنَّ لي مِنْهُ صِبْيَةً صِغَاراً ، إنْ ضَمَمْتُهُمْ إلَيْهِ ضَاعُوا ، وَإنْ ضَمَمْتُهُمْ إليَّ جَاعُوا ) فَهَذَا هُوَ اشتكاؤها إلَى اللَّهِ ، فَنَزَلَتِ الآيةُ : فَبَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في أَوْسٍ ، وأَمَرَهُ بِالتَّكْفِيرِ ، فَكَفَّرَ بِالإطْعَامِ ، وَأَمْسَكَ أَهْلَهُ " .

قال ابن العربي في «أحكامه » : " والأشبه في اسم هذه المرأة أَنَّها خَوْلَةُ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ ، امرأةُ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ " وعلى هذا اعتمد الفخر ؛ قال الفخر : " هذه الواقعة تَدُلُّ على أَنَّ مَنِ انقطع رجاؤه من الخلق ، ولم يبق له في مُهِمِّة أحدٌ إلاَّ الخالق كفاه اللَّهُ ذلك المهم " انتهى . والمحاورة : مراجعةُ القولِ ومعاطاته ، وفي مصحف ابن مسعود : «تُحَاوِرُكَ في زَوْجِهَا » .