غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَدۡ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوۡلَ ٱلَّتِي تُجَٰدِلُكَ فِي زَوۡجِهَا وَتَشۡتَكِيٓ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَسۡمَعُ تَحَاوُرَكُمَآۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعُۢ بَصِيرٌ} (1)

مقدمة السورة:

( سورة المجادلة مدنية حروفها ألف وتسعمائة واثنان وتسعون كلمها أربعمائة وثلاث وتسعون آياتها اثنتان وعشرون ) .

1

التفسير : عن عائشة قالت : الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ، لقد كلمت المجادلة رسول الله صلى الله عليه وسلم في جانب البيت وأنا عنده لا أسمع وقد سمع الله لها . وعن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخلت عليه أكرمها وقال : قد سمع الله لها أي أجاب وهي خولة بنت ثعلبة امرأة أوس بن الصامت أخي عبادة . ورآها وهي تصلي وكانت حسنة الجسم فلما سلمت راودها فأبت فغضب وكان به حدة فظاهر منها ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أوساً تزوّجني وأنا شابة مرغوب فيّ ، فلما كبر سني ونثرت بطني أي كثر منه ولدي جعلني منه كأمه . وفي رواية أنها قالت : إن لي صبية صغاراً إن ضممتهم إليه ضاعوا وإن ضممتهم إليّ جاعوا . فقال صلى الله عليه وسلم لها : ما عندي في أمرك شيء . وروي أنه قال لها مراراً : حرمت عليه . وهي تقول : أشكو إلى الله فاقتي ووجدي فنزلت . ومعنى { في زوجها } في شأنه ومعنى " قد " في { قد سمع الله } التوقع لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمجادلة كانا يتوقعان أن يسمع الله عز وجل مجادلتها وشكواها وينزل في شأنها ما يفرج عنها . والتحاور التراجع في الكلام وفي الآية دلالة على أن من انقطع رجاؤه عن الخلق كفاه الله همه . يروى أنه صلى الله عليه وسلم أرسل إلى زوجها وقال : ما حملك على ما صنعت ؟ فقال : الشيطان ، فهل من رخصة ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : نعم وقرأ عليه الآيات الأربع وقال صلى الله عليه وسلم : هل تستطيع العتق ؟ فقال : لا والله . فقال : فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا ؟ فقال : لا والله يا رسول الله إلا أن تعينني منك بصدقة فأعانه بخمسة عشر صاعا وأخرج أوس من عنده مثله فتصدق به على ستين . وعلم أن الظهار كان من أشد طلاق الجاهلية لأنه في التحريم غاية فإن كان شرعاً متقدماً فالآية ناسخة له ولاسيما فيمن روى أنه صلى الله عليه وسلم قال لها : حرمت عليه . وإن كان عادة الجاهلية فلا نسخ لأن النسخ لا يوجد إلا في الشرائع .

/خ22