المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِن تَجۡتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَنُدۡخِلۡكُم مُّدۡخَلٗا كَرِيمٗا} (31)

31- إن تبتعدوا عن الذنوب العظيمة التي ينهاكم الله عنها نمنع عنكم ما دونها من السيئات والصغائر ما دمتم باذلين جهدكم في الاستقامة ، وننزلكم في الدنيا والآخرة منزلاً فيه إحسان لكم وتكريم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِن تَجۡتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَنُدۡخِلۡكُم مُّدۡخَلٗا كَرِيمٗا} (31)

اختلف أهل التأويل في معنى الكبائر التي وعد الله جلّ ثناؤه عباده باجتنابها تكفير سائر سيئاتهم عنهم ، فقال بعضهم : الكبائر التي قال الله تبارك وتعالى : { إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنهَوْنَ عَنْهُ نُكَفّرْ عَنْكُمْ سَيّئَاتِكُمْ } هي ما تقدم الله إلى عباده بالنهي عنه من أوّل سورة النساء إلى رأس الثلاثين منها . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله ، قال : الكبائر من أوّل سورة النساء إلى ثلاثين منها .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن عبد الله بمثله .

حدثني المثنى ، قال : حجاج ، قال : ثنا حماد ، عن إبراهيم ، عن ابن مسعود ، مثله .

حدثنا أبو هشام الرفاعي ، قال : ثنا وكيع ، قال : ثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، قال : ثنى علقمة ، عن عبد الله ، قال : الكبائر من أوّل سورة النساء ، إلى قوله : { إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنهَوْنَ عَنْهُ } .

حدثنا الرفاعي ، قال : ثنا أبو معاوية وأبو خالد ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : الكبائر من أوّل سورة النساء ، إلى قوله : { إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنهَوْنَ عَنْهُ } .

حدثني أبو السائب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، قال : سئل عبد الله عن الكبائر ، قال : ما بين فاتحة سورة النساء إلى رأس الثلاثين .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن ابن مسعود ، قال : الكبائر : ما بين فاتحة سورة النساء إلى ثلاثين آية منها : { إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنهَوْنَ عَنْهُ } .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم ، عن عبد الله ، أنه قال : الكبائر من أوّل سورة النساء إلى الثلاثين منها : { إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنهَوْنَ عَنْهُ } .

حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن ابن عون ، عن إبراهيم ، قال : كانوا يرون أن الكبائر فيما بين أول هذه السورة ، سورة النساء ، إلى هذا الموضع : { إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنهَوْنَ عَنْهُ } .

حدثني المثنى ، قال : ثنا آدم العسقلاني ، قال : ثنا شعبة ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زرّ بن حبيش ، عن ابن مسعود ، قال : الكبائر من أوّل سورة النساء إلى ثلاثين آية منها . ثم تلا : { إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنهَوْنَ عَنْهُ نُكَفّرْ عَنْكُمْ سَيّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً } .

حدثني المثنى ، قال : ثنا ابن وكيع ، قال : ثنا مسعر ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زرّ بن حبيش ، قال : قال عبد الله : الكبائر : ما بين أوّل سورة النساء إلى رأس الثلاثين .

وقال آخرون : الكبائر سبع . ذكر من قال ذلك :

حدثني تميم بن المنتصر ، قال : ثنا يزيد ، قال : أخبرنا محمد بن إسحاق ، عن محمد بن سهل بن أبي حثمة ، عن أبيه ، قال : إني لفي هذا المسجد مسجد الكوفة ، وعليّ رضي الله عنه يخطب الناس على المنبر ، فقال : يا أيها الناس إن الكبائر سبع ! فأصاخ الناس ، فأعادها ثلاث مرات ، ثم قال : ألا تسألوني عنها ؟ قالوا ؛ يا أمير المؤمنين ما هي ؟ قال : الإشراك بالله ، وقتل النفس التي حرّم الله ، وقذف المحصنة ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربا ، والفرار يوم الزحف ، والتعرّب بعد الهجرة . فقلت لأبي : يا أبت التعرب بعد الهجرة ، كيف لحق ههنا ؟ فقال : يا نبيّ ، وما أعظم من أن يهاجر الرجل ، حتى إذا وقع سهمه في الفيء ووجب عليه الجهاد ، خلع ذلك من عنقه فرجع أعرابياً كما كان .

حدثني محمد بن عبيد المحاربي ، قال : ثنا أبو الأحوص سلام بن سليم ، عن ابن إسحاق ، عن عبيد بن عمير ، قال : الكبائر سبع ليس منهنّ كبيرة إلا وفيها آية من كتاب الله ، الإشراك بالله منهنّ :

{ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ }

و { الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَاراً }

وَ

{ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرّبا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسّ }

و

{ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِناتِ }

، والفرار من الزحف :

{ النَّارِ يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ }

، والتعرّب بعد الهجرة :

{ إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّواْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ مّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى }

، وقتل النفس .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن ابن إسحاق ، عن عبيد بن عمير الليثي ، قال : الكبائر سبع : الإشراك بالله :

{ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِى بِهِ الرّيحُ فِى مَكَانٍ سَحِيقٍ }

، وقتل النفس :

{ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ }

. . الآية ، وأكل الربا :

{ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرّبا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسّ }

. . الآية ، وأكل أموال اليتامى :

{ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتَامَى ظُلْماً }

. . الآية ، وقذف المحصنة :

{ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِناتِ }

. . الآية ، والفرار من الزحف :

{ وَمَن يُوَلّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرّفاً لّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيّزاً إِلَى فِئَةٍ }

. . الآية . والمرتد أعرابياً بعد هجرته :

{ إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّواْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ مّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى }

الآية .

حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن علية ، عن ابن عون ، عن محمد ، قال : سألت عبيدة عن الكبائر ، فقال : الإشراك بالله ، وقتل النفس التي حَرَّمَ الله بغير حقها ، وفرار يوم الزحف ، وأكل مال اليتيم بغير حقه ، وأكل الربا ، والبهتان . قال : ويقولون أعرابية بعد هجرة . قال ابن عون : فقلت لمحمد فالسحر ؟ قال : إن البهتان يجمع شرّاً كثيراً .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا منصور وهشام ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة أنه قال : الكبائر : الإشراك ، وقتل النفس الحرام ، وأكل الربا ، وقذف المحصنة ، وأكل مال اليتيم ، والفرار من الزحف ، والمرتدّ أعرابياً بعد هجرته .

حدثني يعقوب ، قال ثنا هشيم ، ققال : ثنا هشام ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة ، بنحوه .

وعلة من قال هذه المقالة ما :

حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : أخبرني الليث ، قال : ثنى خالد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن نعيم المجمر ، قال : أخبرني صهيب مولى العتواري أنه سمع من أبي هريرة وأبي سعيد الخدري يقولان : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً ، فقال : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ؟ " ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، ثم أكبّ ، فأكبّ كل رجل منا يبكي لا يدري على ماذا حلف . ثم رفع رأسه وفي وجهه البشر ، فكان أحبّ إلينا من حمر النعم ، فقال : " ما مِنْ عَبْدٍ يُصَلّى الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ ، وَيَصُومُ رَمَضَانَ ، ويُخْرِجُ الزَّكاةَ ، وَيجْتَنِبُ الكَبائِرَ السَّبْعَ ، إلاَّ فُتِحَتْ لَهُ أبْوَابُ الجَنَّةِ ، ثُمَّ قِيلَ : ادْخُلْ بِسَلام "

حدثني المثنى قال ثنا حذيفة قال ثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن عطاء قال الكبائر سبع : قتل النفس ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، ورمى المحصنة ، وشهادة الزور وعقوق الوالدين والفرار يوم الزحف .

وقال آخرون هي تسع . ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ثنا ابن عُلَية قال أخبرنا زياد بن مخراق ، عن طيسلة بن مَيَّاس قال كنت مع الحِدْثان ، وأصبت ذنوباً لا أراها إلا من الكبائر ، فلقيت ابن عمر ، فقلت : إني أصيب ذنوباً لا أراها إلا من الكبائر ، قال : وما هي ؟ قلت : كذا وكذا ، قال ليس من الكبائر ، قال أشىء لم يسمعه طيسلة ؟ قال هي تسع وسأعدّهنّ عليك : الإشراك بالله ، وقتل النسَمة بغير حِلها ، والفِرار من الزحف ، وقذف المحصنة ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ظلماً ، وإلحاد في المسجد الحرام ، والذي يستسحر ، وبكاء الوالدين من العقوق . قال ابن زياد : وقال طيسلة : لما رأى ابن عمر فرقى ، قال : أتخاف النار أن تدخلها ؟ قلت : نعم ، قال : وتحبّ أن تدخل الجنة ؟ قلت : نعم ، قال أحىّ والداك ؟ قلت : عندي أمي ، قال : فوالله لئن أنت أَلَنت لها الكلام ، وأطعمتها الطعام ، لتدخلن الجنة ما اجتنبت الموجِبات .

حدثنا سليمان بن ثابت الخراز الواسطيّ ، قال : أخبرنا سلم بن سلام ، قال : أخبرنا أيوب بن عتبة ، عن طيسلة بن علي النهديّ قال : أتيت ابن عمر ، وهو في ظلّ أراك يوم عرفة ، وهو يصبّ الماء على رأسه ووجهه ، قال : قلت أخبرني عن الكبائر ؟ قال : هي تسع ، قلت : ما هن ؟ قال : الإشراك بالله ، وقذف المحصنة ، قال قلت قبل القتل ؟ قال : نعم ، ورغما ، وقت النفس المؤمنة ، والفرار من الزحف ، والسحر ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، وعقوق الوالدين المسلمين ، والإلحاد بالبيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتاً .

حدثنا سليمان بن ثابت الخراز ، قال : أخبرنا سَلْم بن سلام ، قال : أخبرنا أيوب بن عتُبة ، عن يحيى ابن عبيد ، بن عمير ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بمثله ، إلا أنه قال : بدأ بالقتل قبل القذف .

وقال آخرون : هي أربع . ذكر من قال ذلك .

حدثناابن حميد ، قال : ثنا حكام بن سلم ، عن عنبسة ، عن مطرّف ، عن وَبْرة ، عن ابن مسعود ، قال : الكبائر الإشراك بالله ، والقنوط من رحمة ، الله والإياس من رَوح الله ، والأمْن من مكر الله .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا هشيم ، قال أخبرنا مطرف ، عن وَبَره بن عبد الرحمن ، عن أبي الطفيل ، قال : قال عبد الله بن مسعود : أكبر الكبائر : الإشراك بالله ، والإياس من روح الله ، والقنوط من رحمة الله ، والأمْن من مكر الله .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن وَبَرة بن عبد الرحمن ، قال : قال عبد الله : إن الكبائر : الشرك بالله ، والقنوط من رحمة الله ، والأمن مِن مكر الله ، والإياس من روح الله .

حدثني أبو كريب وأبو السائب ، قالا : ثنا ابن إدريس ، قال : سمعت مطرفاً عن وَبَرة ، عن أبي الطفيل قال : قال عبد الله : الكبائر أربع : الاشراك بالله ، والقنوط من رحمة الله ، واليأس من روح الله ، والأمْن من مكر الله .

حدثني محمد بن عمارة الأسديّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال : أخبرنا شيبان ، عن الأعمش ، عن وَبَرة ، عن أبي الطفيل ، قال سمعت ابن مسعود يقول : أكبر الكبائر : الإشراك بالله .

حدثني محمد بن عمارة ، قال : ثنا عبد الله ، قال : أخبرنا اسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن وَبَرة ، عن أبي الطفيل ، عن عبد الله ، بنحوه .

حدثني ابن المثنى ، قال ثنى وهب بن جرير ، قال : ثنا شعبة ، عن عبد الملك بن أبي الطفيل ، عن عبد الله ، قال : الكبائر أربع : الإشراك بالله ، والأمْن من مكر الله ، والإياس من رَوح الله ، والقنوط من رحمة الله . وبه قال : ثنا شعبة ، عن القاسم بن أبي بزَّة عن أبي الطفيل ، عن عبد الله ، بمثله .

حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال ثنا شعبة ، عن القاسم بن أبي بزَّة ، عن أبي الطفيل ، عن عبد الله بن مسعود ، بنحوه .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن أبي الطفيل ، عن ابن مسعود ، قال : الكبائر أربع : الإشراك بالله ، وقتل النفس التي حرّم الله ، والأمن لمكر الله ، والإياس من رَوح الله .

حدثنا ابن وكيع ، قال ثنا أبي ، عن المسعوديّ ، عن فرات القزاز ، عن أبي الطفيل ، عن عبد الله ، قال : الكبائر : القنوط من رحمة الله ، والإياس من روح الله ، والأمن لمكر الله ، والشرك بالله . وقال آخرون كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة ذكر من قال ذلك .

حدثنا أبو كريب قال ثنا هشيم ، عن منصور ، عن ابن سيرين ، عن ابن عباس ، قال : ذُكرت عنده الكبائر ، فقال : كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن علية ، قال : أخبرنا أيوب ، عن محمد ، قال أُنبئت أن ابن عباس كان يقول : كل ما نهى الله عنه كبيرة ، وقد ذكرت الطَّرْفة ، قال : هي النَّظْرة .

حدثني محمد بن عبد الأعلى ، قال ثنا معتمر ، عن أبيه ، عن طاوس ، قال : قال رجل لعبد الله بن عباس : أخبرني بالكبائر السبع ، قال : فقال ابن عباس : هي أكثر من سبع وتسع ، فما أدري كم قالها من مرّة

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن علية ، عن سليمان التميميّ ، عن طاوس ، قال : ذكروا عند ابن عباس الكبائر ، فقالوا : هي سبع ، قال : هي أكثر من سبع وتسع ، قال سليمان : فلا أدري كم قالها من مرة

حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا محمد بن جعفر وابن أبي عديّ عن عوف ، قال : قام أبو العالية الرياحيّ على حلقة أنا فيها ، فقال : إن ناساً يقولون : الكبائر سبع ، وقد خفت أن تكون الكبائر سبعين ، أو يزدن على ذلك .

حدثنا عليّ ، قال : ثنا الوليد ، قال : سمعت أبا عمر ويخبر عن الزهريّ ، عن ابن عباس ، أنه سئل عن الكبائر ، أسبع هي ؟ قال : هي إلى السبعين أقرب .

حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن قيس بن سعد ، عن سعيد بن جبير ، أن رجلاً قال لابن عباس : كم الكبائر ، أسبع هي ؟ قال : إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع غير أنه لا كبيرة مع اسغفار ولا صغيرة مع إصرار .

حدثنا ابن حميد قال ثنا جرير ، عن ليث ، عن طاوس ، قال : جاء رجل إلى ابن عباس ، فقال : أرأيت الكبائر السبع التي ذكرهنّ الله ماهن ؟ قال : هن إلى السبعين أدنى منها إلى سبع .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه قال قيل لابن عباس : الكبائر سبع ؟ قال : هي إلى السبعين أقرب .

حدثنا أحمد بن حازم ، قال أخبرنا أبو نعيم ، قال : ثنا عبد الله بن سعدان ، عن أبي الوليد ، قال : سألت ابن عباس ، عن الكبائر ، قال : كل شيء عُصِي الله فيه فهو كبيرة . وقال آخرون هي ثلاث ذكر من قال ذلك .

حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن مسعود قال : الكبائر ثلاث : اليأس من روح الله ، والقنوط من رحمة الله ، والأمْن من مكر الله .

وقال آخرون : كل موجِبة وكل ما أوعد الله أهله عليه النارَ فكبيرة . ذكر من قال ذلك .

حدثني المثنى ، قال ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثنى معاوية ، عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس ، قوله : { إنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ } قال : الكبائر : كل ذنب ختمه الله بنار ، أو غضب ، أو لعنة ، أو عذاب .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال ثنا ابن علية ، قال : أخبرنا هشام بن حسام ، عن محمد بن واسع ، قال : قال سعيد بن جبير : كل موجبة في القرآن كبيرة .

حدثنا ابن وكيع ، قال ثنا أبي ، عن محمد بن مهرم الشعاب ، عن محمد بن واسع الازدي ، عن سعيد بن جبير ، قال : كل ذنب نسبه الله إلى النار ، فهو من الكبائر .

حدثنا عليّ بن سهل ، قال : ثنا الوليد بن مسلم ، عن سالم أنه سمع الحسن ، يقول : كل موجبة في القرآن كبيرة .

حدثني محمد بن عمرو ، قال ثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : { إنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْه } قال : الموجبات .

حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني يحيى بن أبي طالب ، قال : ثنا يزيد قال ثنا جويبر ، عن الضحاك ، قال : الكبائر : كل موجبة أوجب الله لأهلها النار ، وكل عمل يقام به الحدّ فهو من الكبائر .

قال أبو جعفر : والذي نقول به في ذلك : ما ثبت به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وذلك ما حدثنا به أحمد بن الوليد القرشي ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، قال : ثنى عبيد الله بن أبي بكر ، قال سمعت أنس بن مالك قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر ، أو سئل عن الكبائر ، فقال : " الشرك بالله ، وقتل النفس ، وعقوق الوالدين ، فقال : ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قال : قول الزور ، أو قال : شهادة الزور ، " قال شعبة : وأكبر ظني أنه قال : شهادة الزور .

حدثنا يحيى بن حبيب بن عربيّ ، قال : حدثنا خالد بن الحارث ، قال : حدثنا شعبة ، قال : أخبرنا عبيد الله بن أبي بكر ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكبائر ، قال : " الشرك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس وقول الزور "

حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا يحيى بن كثير ، قال : ثنا شعبة ، عن عبيد الله بن أبي بكر ، عن أنس ، قال : ذَكروا الكبائر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ ، ألا أُنْبِئَكُم بأكْبَرِ الكَبائِرِ قَوْلُ الزُّورِ "

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال ثنا شعبة ، عن فراس ، عن الشعبيّ ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " أكْبَرُ الكَبائِرِ : الإشْرَاكُ باللَّهِ وعَقُوُقُ الوَالِدَيْنِ أو قَتْلُ النَّفْسِ شعبة الشاكّ واليَمِينُ الغَمُوسُ "

حدثناأبو هشام الرفاعيّ ، قال : ثنا عبد الله بن موسى ، قال ثنا شيبان ، عن فراس ، عن الشعبيّ ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : جاء أعرابيّ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما الكبائر ؟ قال : " الشِّرْكُ باللَّهِ ، قال : ثم مَهْ ؟ قال : وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ ، قال : ثم مه ، قال : واليَمِينُ الغَمُوسُ قلت للشعبيّ : ما اليمين الغموس ؟ قال : الذي يقتطع مال امرىء مسلم بيمينه ، وهو فيها كاذب "

حدثني المثنى ، قال : ثنا ابن أبي السريّ محمد بن المتوكل العسقلانيّ ، قال : ثنا محمد بن سعد ، عن خالد بن معدان ، عن أبي رُهم ، عن أبي أيوب الأنصاريّ ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَنْ أقامَ الصَّلاةَ ، وآتى الزَّكاة وَصَامَ رَمَضَان ، وَاجْتَنَبَ الكَبائِرَ فَلَهُ الجَنَّةُ . قيل : وما الكبائر ؟ قال : الإشْرَاكُ باللَّهِ ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ والفرَارُ يَوْمَ الزَّحْف "

حدثني عباس بن أبي طالب ، قال : ثنا سعد ابن عبد الحميد ، عن جعفر ، عن ابن أبي جعفر ، عن ابن أبي الزناد ، عن موسى بن عُقبة ، عن عبد الله بن سلمان الأغرّ ، عن أبيه أبي عبد الله سلمان الأغرّ ، قال : قال أبو أيوب خالد بن أيوب الأنصاريّ : عَقَبِيّ بدريّ ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما مِنْ عَبْدٍ يَعْبُدُ اللَّهَ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً ، وَيُقِيمُ الصَّلاةَ ، ويُؤْتِى الزَّكاةَ ، وَيَصُومُ رَمَضَانَ ، وَيجْتَنِبُ الكَبائِرَ إلاَّ دَخَلَ الجَنَّةّ . فسألوه : ما الكبائر ؟ قال : الإشرَاكُ باللَّهِ ، والفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ "

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أحمد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا عباد بن عباد ، عن جعفر بن الزبير ، عن القاسم ، عن أبي أمامة : أن ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا الكبائر ، وهو متكىء ، فقالوا : الشرك بالله ، وأكل مال اليتيم ، وفرار من الزحف ، وقذف المحصنة ، وعقوق الوالدين ، وقول الزور ، والغُلول ، والسحر ، وأكل الربا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فَأيْنَ تَجْعَلُونَ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وأيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً . . . إلى آخر الآية " ؟ .

حدثنا عبيد الله بن محمد الفريابيّ ، قال : ثنا سفيان ، عن أبي معاوية ، عن أبي عمرو الشيبانيّ ، عن عبد الله ، قال : سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم : ما الكبائر ؟ قال : " أنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ وأنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مِنْ أجْل أنْ يَأْكُلَ مَعَكَ ، وأنْ تَزْنِيَ بِحَلِيلَةِ جاركَ ، وقرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم : "

{ وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إلهاً آخَرَ ، وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ التي حَرَّمَ اللَّهُ إلا بالحَقّ وَلا يَزْنُونَ }

حدثني هذا الحديثَ عبد الله بن محمد الزهريّ ، فقال : ثنا سفيان ، قال : ثنا أبو معاوية النخعيّ ، وكان على السجن ، سمعه من أبي عمرو ، عن عبد الله بن مسعود : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : ( أيُّ العَمَل شَرّ ؟ قالَ : أنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ ، وأنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أنْ تَأْكُلَ مَعَكَ ، وأنْ تَزْنِيِ بِجارَتِكَ ، وقرأ عليّ ،

{ والَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إلهاً آخَرَ }

قال أبو جعفر : وأولى ما قيل في تأويل الكبائر بالصحة : ما صحّ به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دون ما قاله غيره ، وإن كان كل قائل فيها قولاً من الذين ذكرنا أقوالهم ، قد اجتهد وبالغ في نفسه ، ولقوله في الصحة مذهب ، فالكبائر إذن : الشرك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس المحرّم قتلها ، وقول الزور ، وقد يدخل في قول الزور ، شهادة الزور ، وقذف المحصَنة ، واليمين الغموس ، والسحر ؛ ويدخل في قتل النفس المحرم قتلها : قتل الرجل ولده من أجل أن يطعم معه ، والفرار من الزحف ، والزنا بحليلة الجار .

وإذا كان ذلك كذلك ، صحّ كلّ خبر روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في معنى الكبائر ، وكان بعضه مصدّقاً بعضاً ، وذلك أن الذي روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " هِيَ سَبْعٌ " يكون معنى قوله حينئذ ( هِيَ سَبْعٌ ) على التفصيل ، ويكون معنى قوله في الخبر الذي رُوى عنه أنه قال : ( هِيَ الإشْراكُ باللَّهِ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ ، وَقَوْلُ الزُّورِ ) على الإجمال ، إذ كان قوله : وَقَوْلُ الزورِ يحتمل معاني شتى ، وأن يجمع جميعَ ذلك : قول الزور .

وأما خبر ابن مسعود الذي حدثَنِي به الفريابيّ على ما ذكرت ، فإنه عندي غلط من عبيد الله ابن محمد ، لأن الاخبار المتظاهرة من الأوجه الصحيحة عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحو الرواية التي رواها الزهريّ عن ابن عيينة ، ولم يقل أحد منهم في حديثه عن ابن مسعود ، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الكبائر ، فنقلُهم ما نقلوا من ذلك عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أولى بالصحة من نقل الفريابي . فمن اجتنب الكبائر التي وعد الله مجتنبها تكفير ما عداها من سيئاته ، وإدخاله مدخلاً كريماً ، وأدّى فرائضه التي فرضها الله عليه ، وجد الله لما وعده من وعد منجزاً ، وعلى الوفاء به دائباً .

وأما قوله { نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ } ، فإنه يعني به : نكفر عنكم أيها المؤمنون باجتنابكم كبائر ما ينهاكم عنه ربكم ، صغائر سيئاتكم ، يعني : صغائر ذنوبكم .

كما حدثني محمد بن الحسن ، قال ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ { نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ } الصغائر .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن عُلَية ، عن ابن عون ، عن الحسن ، أن ناساً لقوا عبد الله بن عمرو بمصر ، فقالوا : نرى أشياء من كتاب الله أمر أن يعمل بها ، لا يعمل بها وأردنا أن نلقى أمير المؤمنين في ذلك . فقدم وقدموا معه ، فلقيه عمر رضي الله عنه ، فقال : متى قدمت ؟ قال : منذ كذا وكذا ، قال : أبإذن قدمت ؟ قال : فلا أدري كيف ردّ عليه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إن ناساً لقوني بمصر ، فقالوا : إنا نرى أشياء من كتاب الله تبارك وتعالى أمر أن يُعمل بها ، لا يُعمل بها ، فأحَبُّوا أن يلقَوك في ذلك . فقال : اجمعهم لي ، قال فجمعتهم له ؛ قال ابن عون : أظنه قال : في نهر ، فأخذ أدناهم رجلاً فقال : أنشدك بالله وبحقّ الإسلام عليك ، أقرأت القرآن كله ؟ قال : نعم ، قال : فهل أحصيته في نفسك ؟ قال : اللهمّ لا قال : ولو قال : نعم ، لخصمه ، قال فهل أحصيته في بصرك ، هل أحصيته في لفظك ، هل أحصيته في أثرك ؟ قال ثم تتبعهم حتى أتى على آخرهم ، فقال ثكلت عمرَ أمُّه ، أتكلفونه أن يقيم الناس على كتاب الله ؟ قد علم ربنا أن ستكون لنا سيئات ، قال : وتلا : { إنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْه نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُم وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاَ كَرِيماً } هل علم أهل المدينة ؟ أو قال : هل علم أحد بما قدمتم ؟ قالوا : لا ، قال : لو علموا لوعظت بكم .

حدثني يعقوب ، قال : ثنا ، قال : لم نرم مثل الذي بلغنا عن ربنا ، ثم لم نخرج له عن كل أهل ومال ، ثم سكت هنيهة ، ثم قال : والله لقد كلفنا ربُّنا أهون من ذلك ، لقد تجاوز لنا عما دون الكبائر ، فما لنا ولها ؟ { ثم تلا { إنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْه . . . } الآية .

حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { إنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْه . . . . } الآية ، إنما وعد الله المغفرة لمن اجتنب الكبائر ، وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم : " قال اجتنبوا الكبائر ، وسدّدوا ، وأبشروا "

حدثناالحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن رجل ، عن ابن مسعود قال في خمس آيات من سورة النساء : لهن أحبّ إليّ من الدنيا جميعاً { إنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْه نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُم } ، وقوله

{ إنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ ، وَإنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْها }

، وقوله

{ إنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشاءُ }

وقوله

{ وَمَنْ يَعْمَلُ سُوءاً أو يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحيماً }

، وقوله

{ وَالَّذِينَ آمَنُوا باللَّهِ وَرُسُلِهِ ولَمْ يُفَرّقُوا بَيْنَ أحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيِهمْ أُجُورَهُمْ ، وكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحيماً }

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني أبو النضر ، عن صالح المرّيّ ، عن قتادة ، عن ابن عباس ، قال : ثمان آيات نزلت في سورة النساء ، هي خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغَرَبت . أولاهن :

{ يُرِيدُ اللَّه لِيُبَيِّنَ لَكُمْ ويَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِيِنَ مِنْ قَبْلِكُمْ ، وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيم }

والثانية :

{ وَاللَّهُ يُرِيدُ أنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ، ويُرِيدُ الَّذينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أنْ تَميلُوا مَيْلاً عَظِيماً }

والثالثة :

{ يُرِيدُ اللَّهُ أنْ يُخَففَ عَنْكُم ، وَخُلِقَ الإنْسانُ ضَعيفاً }

ثم ذكر مثل قول ابن مسعود سواء ، وزاد فيه : ثم أقبل يفسرها في آخر الآية :

{ وكانَ اللَّهُ }

للذين عملوا الذنوب

{ غَفُوراً رَحِيماَ }

وأما قوله : { وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً } فإن القراء اختلفت في قراءته ، فقرأته عامة قراء أهل المدينة وبعض الكوفيين { وَنُدْخِلْكُمْ مَدْخَلاً كَرِيماً } بفتح الميم ، وكذلك الذي في الحجّ

{ لَنُدْخِلَنَّهُمْ مَدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ }

فمعنى { وَنُدْخِلْكُمْ مَدْخَلاً } فيدخلون دخولاً كَريماً ، وقد يحتمل على مذهب من قرأ هذه القراءة أن يكون المعنى في المدخل : المكان والموضع ، لأن العرب ربما فتحت الميم من ذلك بهذا المعنى ، كما قال الراجز :

{ إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً } * { وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } * { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً }

*** بِمَصْبَحِ الحَمْدِ وَحَيْثُ يُمْسَى ***

وقد أنشدني بعضهم سماعاً من العرب :

الحَمْدُ لِلَّهِ مَمْسانا وَمَصْبَحُنا ***بالخَيْرِ صَبَّحَنا ربيّ وَمَسَّانا

وأنشدني آخر غيره :

*** الحَمْدُ لِلَّهِ مُمْسانا وَمُصْبَحُنا ***

لأنه من أصبح وأمسى ، وكذلك تفعل العرب فيما كان من الفعل بناؤه على أربعة ، تضمّ ميمه في مثل هذا فتقول : دحرجته مُدَحرجا ، فهو مُدَحرج ، ثم تحمل ما جاء على فعلَ يفْعِل على ذلك ، لأن يُفعل من يدخل ، وإن كان على أربعة ، وإن أصله أن يكون على يؤَفْعل : يُؤَدخل ، ويُؤَخرج ، فهو نظير يدحرج . وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين والبصريين { مُدْخَلاً } بضم الميم ، يعني : وندخلكم ادخالاً كريماً . قال أبو جعفر : وأولى القراءتين بالصواب : قراءة من قرأ ذلك { وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخلاً كَرِيماً } بضمّ الميم لما وصفنا من أن ما كان من الفعل بناؤه على أربعة في فعل فالمصدر منه مُفْعَل ، وإن أدخل ودحرج فَعَلَ منه على أربعة ، فالمُدخل مصدره أولى من مَفعل ، مع أن ذلك أفصح في كلام العرب في مصادر ما جاء على أفعل ، كما يقال : أقام بمكان فطاب له المُقام . إذا أريد به الإقامة ، وقام في موضعه فهو في مَقام واسع ، كما قال جل ثناؤه :

{ إنّ المُتَّقِينَ في مَقام آمِينٍ }

من قام يقوم ، ولو أريد به الإقامة ، لقرىء :

{ إنّ المتَّقِينَ في مَقام آمِين }

كما قرىء

{ وَقُلْ رَبِّ أدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ ، وأخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ }

بمعنى الادخال والإخراج ، ولم يبلغنا عن أحد أنه قرأ : مَدخَل صدق ، ولا مَخرَج صدق ، بفتح الميم . وأما المُدْخل الكريم : فهو الطيب الحسن ، المكرّم بنفي الآفات والعاهات عنه ، وبارتفاع الهموم والأحزان ودخول الكدر في عيش من دخله ، فلذلك سماه الله كريماً .

كما حدثني محمد بن الحسن ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ { وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخلاً كَرِيما } قال الكريم : هو الحسن في الجنة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِن تَجۡتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَنُدۡخِلۡكُم مُّدۡخَلٗا كَرِيمٗا} (31)

اعتراض ناسب ذكره بعد ذكر ذنبين كبيرين : وهما قتل النفس ، وأكل المال بالباطل ، على عادة القرآن في التفنّن من أسلوب إلى أسلوب ، وفي انتهاز الفرص في إلقاء التشريع عقب المواعظ وعكسه .

وقد دلّت إضافة { كبائر } إلى { ما تنهون عنه } على أنّ المنهيات قسمان : كبائر ، ودونها ؛ وهي التي تسمّى الصغائر ، وصفا بطريق المقابلة ، وقد سمّيت هنا سيّئات . ووعد بأنّه يغفر السيّئات للذين يجتنبون كبائر المنهيات ، وقال في آية النجم ( 32 ) { الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللّمم } فسمّى الكبائر فواحشَ وسمّى مقابلها اللَّمم ، فثبت بذلك أنّ المعاصي عند الله قسمان : معاص كبيرة فاحشة ، ومعاص دون ذلك يكثر أن يُلمّ المؤمن بها ، ولذلك اختلف السلف في تعيين الكبائر . فعن علي : هي سبع الإشراك بالله ، وقتل النفس ، وقذف المحصنات ، وأكل مال اليتيم ، والفرار يوم الزحف ، والتعرّب بعد الهجرة .

واستدلّ لجميعها بما في القرآن من أدلّة جازِمِ النهي عنها . وفي حديث البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم « اتّقوا السبع الموبقات . . . » فذكر التي ذكرها عليّ إلاّ أنّه جعل السحر عوض التعرّب . وقال عبد الله بن عمر : هي تسع بزيادة الإلحاد في المسجد الحرام ، وعقوق الوالدين . وقال ابن مسعود : هي ما نُهي عنه من أول سورة النساء إلى هنا . وعن ابن عبّاس : كلّ ما ورد عليه وعيد نار أو عذاب أو لعنة فهو كبيرة . وعن ابن عباس : الكبائر ما نهى الله عنه في كتابه .

وأحسن ضبطِ الكبيرة قول إمام الحرمين : هي كلّ جريمة تؤذن بقلّة اكتراث مرتكبها بالدين وبضعف ديانته . ومن السلف من قال : الذنوب كلّها سواء إن كانت عن عمد . وعن أبي إسحاق الإسفرائيني أنّ الذنوب كلّها سواء مطلقاً ، ونفَى الصغائر . وهذان القولان واهيان لأنّ الأدلّة شاهدة بتقسيم الذنوب إلى قسمين ، ولأنّ ما تشتمل عليه الذنوب من المفاسد متفاوت أيضاً ، وفي الأحاديث الصحيحة إثبات نوع الكبائر وأكبر الكبائر .

ويترتّب على إثبات الكبائر والصغائر أحكام تكليفية : منها المخاطبة بتجنّب الكبيرة تجنّبا شديداً ، ومنها وجوب التوبة منها عند اقترابها ، ومنها أنّ ترك الكبائر يعتبر توبة من الصغائر ، ومنها سلب العدالة عن مرتكب الكبائر ، ومنها نقض حكم القاضي المتلبّس بها ، ومنها جواز هجران المتجاهر بها ، ومنها تغيير المنكر على المتلبّس بها . وتترتّب عليها مسائل في أصول الدين : منها تكفير مرتكب الكبيرة عند طائفة من الخوارج ، التي تَفرّق بين المعاصي الكبائر والصغائر ؛ واعتباره منزلة بين الكفر والإسلام عند المعتزلة ، خلافاً لجمهور علماء الإسلام .

فمن العجائب أن يقول قائل : إنّ الله لم يميّز الكبائر عن الصغائر ليكون ذلك زاجراً للناس عن الإقدام على كلّ ذنب ، ونظير ذلك إخفاء الصلاة الوسطى في الصلوات ، وليلة القدر في ليالي رمضان ، وساعة الإجابة في ساعات الجمعة ، هكذا حكاه الفخر في التفسير ، وقد تبيّن ذهول هذا القائل ، وذهول الفخر عن ردّه ، لأنّ الأشياء التي نظَّروا بها ترجع إلى فضائل الأعمال التي لا يتعلّق بها تكليف ؛ فإخفاؤها يقصد منه الترغيب في توخّي مَظانّها ليكثر الناس من فعل الخير ، ولكن إخفاء الأمر المكلّف به إيقاع في الضلالة ، فلا يقع ذلك من الشارع .

والمدخل بفتح الميم اسم مَكان الدخول ، ويجوز أن يكون مصدراً ميمياً . والمعنى : ندخلكم مكانا كريماً ، أو ندخلكم دخولاً كريماً . والكريم هو النفيس في نوعه . فالمراد إمّا الجنة وإمّا الدخول إليها ، والمراد به الجَنّة . والمُدخل بصمّ الميم كذلك مكانُ أو مَصدرُ أدْخل . وقرأ نافع ، وأبو جعفر : مَدْخلا بفتح الميم وقرأ بقية العشرة بضمّ الميم .