تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشۡرِي نَفۡسَهُ ٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ رَءُوفُۢ بِٱلۡعِبَادِ} (207)

{ ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله } ، وذلك أن كفار مكة أخذوا عمارا ، وبلالا ، وخبابا ، وصهيبا ، فعذبوهم لإسلامهم حتى يشتموا النبي صلى الله عليه وسلم ، فأما صهيب بن سنان مولى عبد الله بن جدعان القرشي ، وكان شخصا ضعيفا ، فقال لأهل مكة ، لا تعذبوني ، هل لكم إلى خير ؟ قالوا : وما هو ؟ قال أنا شيخ كبير ، لا

يضركم إن كنت معكم أو مع غيركم ، لئن كنت معكم لا أنفعكم ، ولئن كنت مع غيركم لا أضركم ، وإن لي عليكم لحقا لخدمتي وجواري إياكم ، فقد علمت أنكم إنما تريدون مالي ، وما تريدون نفسي ، فخذوا مالي واتركوني وديني غير راحلة ، فإن أردت أن ألحق بالمدينة فلا تمنعوني ، فقال بعضهم لبعض : صدق ، خذوا ماله فتعاونوا به على عدوكم ، ففعلوا ذلك ، فاشترى نفسه بماله كله غير راحلة ، واشترط ألا يمنع عن صلاة ، ولا هجرة .

فأقام بين أظهرهم ما شاء ، ثم ركب راحلته نهارا حتى أتى المدينة مهاجرا ، فلقيه أبو بكر ، رضي الله عنه ، فقال : ربح البيع يا صهيب ، فقال : وبيعك لا يخسر ، فقال أبو بكر ، رضي الله عنه : قد أنزل الله فيك : { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله } { والله رءوف بالعباد } يعني للفعل فعل الرومي صهيب بن سنان مولى عبد الله بن جدعان بن عمرو بن سعيد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي . قال عبد الله بن ثابت : سمعت أبي يقول : سمعت هذا الكتاب من أوله إلى آخره من الهذيل أبي صالح ، عن مقاتل بن سليمان ببغداد درب السدرة سنة تسعين ومائة ، قال : وسمعته من أوله إلى آخره قراءة عليه في المدينة في سنة أربع ومائتين ، وهو ابن خمس وثمانين سنة ، رحمنا الله وإياهم .