إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشۡرِي نَفۡسَهُ ٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ رَءُوفُۢ بِٱلۡعِبَادِ} (207)

{ وَمِنَ الناس مَن يَشْرِي نَفْسَهُ } مبتدأ وخبرٌ كما مر أي يبيعها ببذْلِها في الجهاد ومشاقِّ الطاعات وتعريضِها للمهالك في الحروب ، أو يأمرُ بالمعروف وينهى عن المنكر وإن ترتب عليه القتلُ { ابتغاء مرضات الله } أي طلباً لرضاه وهذا كمالُ التقوى ، وإيرادُه قسيماً للأول من حيث إن ذلك يأنفُ من الأمر بالتقوى وهذا يأمرُ بذلك وإن أدى إلى الهلاك ، وقيل : نزلت في صهيبِ بنِ سنانٍ الروميّ ، أخذه المشركون وعذبوه ليرتدَّ فقال إني شيخٌ كبير لا أنفعُكم إن كنت معكم ولا أضرُّكم إن كنت عليكم فخلُّوني وما أنا عليه وخُذوا مالي فقَبِلوا منه مالَه فأتى المدينة ، فيشري حينئذٍ بمعنى يشتري لجريان الحال على صورة الشراء { والله رَؤوفٌ بالعباد } ولذلك يكلفهم التقوى ويعرِّضهم للثواب ، والجملةُ اعتراضٌ تذييلي .