تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{۞وَإِذِ ٱسۡتَسۡقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ فَقُلۡنَا ٱضۡرِب بِّعَصَاكَ ٱلۡحَجَرَۖ فَٱنفَجَرَتۡ مِنۡهُ ٱثۡنَتَا عَشۡرَةَ عَيۡنٗاۖ قَدۡ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٖ مَّشۡرَبَهُمۡۖ كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ مِن رِّزۡقِ ٱللَّهِ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ} (60)

{ وإذ استسقى موسى لقومه } ، وهم في التيه ، قالوا : من أين لنا شراب نشرب ؟ فدعا موسى ، عليه السلام ، ربه أن يسقيهم ، فأوحى الله عز وجل إلى موسى ، عليه السلام : { فقلنا اضرب بعصاك الحجر } ، وكان الحجر خفيفا مربعا ، فضربه ، { فانفجرت منه } من الحجر { اثنتا عشرة عينا } ، فرووا بإذن الله عز وجل ، وكانوا اثنى عشر سبطا ، لكل سبط من بني إسرائيل عين تجري على حدة ، لا يخالطهم غيرهم ، فذلك قوله سبحانه : { قد علم كل أناس مشربهم } ، يعني كل سبط مشربهم ، يقول الله عز وجل : { كلوا } من المن والسلوى ، { واشربوا } من العيون ، وهو { من رزق الله } حلالا طيبا ، فذلك قوله سبحانه : { كلوا من طيبات ما رزقناكم } ، { ولا تعثوا في الأرض } ، يقول : لا تعلوا ولا تسعوا في الأرض { مفسدين } ، يقول : لا تعملوا في الأرض بالمعاصي ، فرفعوا من المن والسلوى لغد ، فذلك قوله سبحانه : { ولا تطغوا فيه } ( طه : 81 ) ، يقول : لا ترفعوا منه لغد ، وكان موسى صلى الله عليه وسلم إذا ظعن حمل الحجر معه ، وتنصب العيون منه .

ثم إنهم قالوا : يا موسى ، فأين اللباس ؟ فجعلت الثياب تطول مع أولادهم ، وتبقى على كبارهم ، ولا تمزق ولا تبلى ولا تدنس ، وكان لهم عمود من نور يضئ لهم بالليل إذا ارتحلوا وغاب القمر .