ثم رجع إلى قصة موسى حين كانوا في التيه وأصابهم العطش فاستغاثوا بموسى ، فدعا موسى ربه ، فأوحى الله إلى موسى أن يضرب بعصاه الحجر ، فَأخذ موسى حجراً مربعاً مثل رأس الإنسان ، ووضعه في المخلاة بين يدي قومه ، ضَرَبَ عَصَاهُ عَلَيْهِ ، فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثنتا عشرة عيناً ماءً عذباً ؛ وكانت بنو إسرائيل اثني عشر سبطاً لكل سبط منهم عين على حدة . قال الفقيه : حدثنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مندوسة قال : حدثنا أبو القاسم ، أحمد بن حمزة الصفار قال : حدثنا عيسى بن أحمد قال : حدثنا يزيد بن هارون ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية العوفي قال : تاه بنو إسرائيل في اثني عشر فرسخاً أربعين عاماً على غير ماء ، وجعل لهم حجراً مثل رأس الثور ، فإذا نزلوا منزلاً وضعوه فضربه موسى بعصاه .
فذلك قوله تعالى : { وَإِذِ استسقى موسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضرب بّعَصَاكَ الحجر فانفجرت مِنْهُ اثنتا عَشْرَةَ عَيْنًا } فإذا ساروا حملوه فاستمسك .
وقال بعضهم : كان يخرج عيناً واحدة ثم تتفرق على اثنتي عشرة فرقة ، وتصير اثني عشر نهراً . وقال بعضهم : كان للحجر اثنا عشر ثقباً ، يخرج منها اثنتا عشرة عيناً لا يختلط بعضها ببعض . قال مقاتل : كان الحجر مربَّعاً ، وكان جبريل عليه السلام أمر موسى بحمله معه يوم جاوز البحر ببني إسرائيل ، وإنما انفجرت اثنتا عشرة عيناً ، لأنه أخذ من مكان فيه اثنا عشر طريقاً .
ثم قال تعالى : { قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ } ، أي قد عرف كل سبط مشربهم ، أي موردهم وموضع شربهم من العيون لا يخالطهم فيها غيرهم . والحكمة في ذلك أن الأسباط كانت بينهم عصبية ومباهاة ، وكل سبط منهم لا يتزوج من سبط آخر ، وأراد كل سبط تكثير نفسه ، فجعل لكل سبط منهم نهراً على حدة ليستقوا منها ، ويسقوا دوابهم لكيلا يقع بينهم جدال ومخاصمة . وقال بعضهم : كان الحجر من الجنة . وقال بعضهم : رفعه موسى من أسفل البحر حيث مرّ فيه مع قومه . وقال بعضهم : كان حجراً من أحجار الأرض .
قوله عز وجل : { كُلُواْ واشربوا مِن رّزْقِ الله } أي قيل لهم كلوا من المن والسلوى ، واشربوا من ماء العيون ، { وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرض مُفْسِدِينَ } ، أي لا تعملوا فيها بالمعاصي ، يقال : عثا يعثو عثواً ، إذا أظهر الفساد وعَثِي ، وعاث لغتان الذئب في الغنم أي أسرع بالفساد ثم أنهم أجمعوا من المن والسلوى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.