{ وإذ استسقى موسى لقومه } أي طلب السقيا لقومه ، وذلك أنهم عطشوا في التيه فسألوا موسى أن يستسقي لهم ففعل ، والاستسقاء إنما يكون عند عدم الماء وحبس القطر ومعناه في اللغة طلب السقيا ، وفي الشرع ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفته من الصلاة والدعاء ، وهذا تذكير لنعمة أخرى كفروها .
{ فقلنا اضرب بعصاك الحجر } وكانت العصا من آس الجنة طولها عشرة أذرع على طول موسى ، ولها شعبتان تتقدان في الظلمة نورا واسمها عليق وقيل نبغة حملها آدم معه من الجنة فتوارثها الأنبياء حتى وصلت إلى شعيب ، فأعطاها موسى ، كذا قيل والله أعلم ، والحجر يحتمل أن يكون معينا فيكون اللام للعهد وهو الذي فر بثوبه فلما سألوه السقيا ضربه ، ويحتمل أن لا يكون معينا فتكون للجنس وهو أظهر في المعجزة وأقوى للحجة .
{ فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا } يعني على عدد أسباط بني إسرائيل والمعنى فضربه فانفجرت والانفجار الانشقاق وانفجر الماء انفتح ، قال المفسرون انفجرت وانبجست بمعنى واحد وقيل انبجست عرقت ، وانفجرت سالت ، قال ابن عطية ولا خلاف أنه كان حجرا مربعا يخرج من كل جهة ثلاث عيون إذا ضرب موسى سالت العيون ، وإذا استغنوا عن الماء جفت .
{ قد علم كل أناس مشربهم } المشرب موضع الشرب وقيل هو المشروب نفسه ، وفيه ذليل على أنه يشرب من كل عين قوم منهم لا يشاركهم غيرهم ، قيل كان لكل سبط عين من تلك العيون لا يتعداها إلى غيرها ، والأسباط ذرية الاثني عشر من أولاد يعقوب وكل عين تسيل في قناة إلى سبط ، وكانوا ستمائة ألف ، وسعة العسكر اثنا عشر ميلا .
{ كلوا } أي قلنا لهم كلوا المن والسلوى { واشربوا } أي الماء المتفجر من الحجر { من رزق الله } فهذا كله من رزقه كان يأتيهم بلا مشقة ولا كلفة ولا تعثوا في الأرض مفسدين عثى يعثي عثيا وعثا يعثو عثوا وعاث يعيث عيثا لغات بمعنى أفسد ، قال في الكشاف العثي أشد الفساد فقيل لهم لا تمادوا في الفساد في حال فسادكم لأنهم كانوا متمادين فيه انتهى ، وفي هذه الآية معجزة عظيمة لموسى عليه السلام حيث انفجر من الحجر الصغير ما روى منه الجمع والكثير ، ومعجزة نبينا صلى الله عليه وسلم أعظم منه لأنه انفجر الماء من بين أصبعيه فروى منه الجم الغفير لأن انفجار الماء من بين الدم واللحم أعظم من انفجاره من الحجر{[96]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.