مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{۞وَإِذِ ٱسۡتَسۡقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ فَقُلۡنَا ٱضۡرِب بِّعَصَاكَ ٱلۡحَجَرَۖ فَٱنفَجَرَتۡ مِنۡهُ ٱثۡنَتَا عَشۡرَةَ عَيۡنٗاۖ قَدۡ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٖ مَّشۡرَبَهُمۡۖ كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ مِن رِّزۡقِ ٱللَّهِ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ} (60)

{ وَإِذِ استسقى موسى لِقَوْمِهِ } موضع إذ نصب كأنه قيل : واذكروا إذا استسقى أي استدعي أن يسقي قومه . { فَقُلْنَا اضرب بّعَصَاكَ الحجر } عطشوا في التيه فدعا لهم موسى بالسقيا فقيل له اضرب بعصاك الحجر . واللام للعهد والإشارة إلى حجر معلوم ، فقد روي أنه حجر طوري حمله معه وكان مربعاً له أربعة أوجه كانت تنبع من كل وجه ثلاث أعين لكل سبط عين وكانوا ستمائة ألف وسعة المعسكر إثنا عشر ميلاً ، أو للجنس أي اضرب الشيء الذي يقال له الحجر ، وهذا أظهر في الحجة وأبين في القدرة . { فانفجرت } الفاء متعلقة بمحذوف أي فضرب فانفجرت أي سالت بكثرة ، أو فإن ضربت فقد انفجرت وهي على هذا فاء فصيحة لا تقع إلا في كلام بليغ . { مِنْهُ اثنتا عَشْرَةَ عَيْنًا } على عدد الأسباط وقرىء بكسر الشين وفتحها وهما لغتان ، وعيناً تمييز . { قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ } كل سبط { مَّشْرَبَهُمْ } عينهم التي يشربون منها . وقلنا لهم { كُلُواْ } من المن والسلوى . { واشربوا } من ماء العيون . { مِن رّزْقِ الله } أي الكل مما رزقكم الله . { وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرض } لا تفسدوا فيها . والعيث أشد الفساد { مُفْسِدِينَ } حال مؤكدة أي لا تتمادوا في الفساد في حال فسادكم لأنهم كانوا متمادين فيه .