غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمَا كَانَ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانُ أَن يُفۡتَرَىٰ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَٰكِن تَصۡدِيقَ ٱلَّذِي بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَتَفۡصِيلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا رَيۡبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (37)

31

ولما فرغ من دلائل التوحد شرع في إثبات النبوة فقال : { ما كان هذا القرآن أن يفترى } أي افتراء من دون الله أو كلمة «أن » بمعنى اللام أي ما ينبغي له وما استقام أن يكون مفترى . والحاصل أن وصفه ليس وصف شيء يمكن أن يفترى به على الله لأنه معجز لا يقدر البشر على إتيان مثله وإنما القادر عليه هو الله تعالى . { ولكن } كان { تصديق الذي بين يديه } من الكتب المنزلة لإعجازه دونها فهو عيار عليها شاهد بصحتها ، ونفس هذا التصديق أيضاً معجز لأن أقاصيصه موافقه لما في كتب الأولين مع أنه لم يتعلم قط ولم يتلمذ ، ولأن بشارته جاءت في تلك الكتب على وفق دعواه ، ولأنه يخبر عن الغيوب المستقبلة فيقع مطابقاً فظهر أن القرآن معجز من قبل اشتماله على الغيوب الماضية والمستقبلة . أما أنه معجز من جهة اشتماله على العلوم الجمة فذلك قوله : { وتفصيل الكتاب } أي يبين ما كتب وفرض من الأحكام والشرائع كقوله :

{ كتاب الله عليكم } [ النساء : 24 ] قال في الكشاف قوله : { لا ريب فيه من رب العالمين } داخل في حيز الاستدراك كأنه قال : ولكن كان تصديقاً وتفصيلاً منتفياً عنه الريب كائناً من رب العالمين ، وجوز أن يكون { من رب العالمين } متعلقاً بتصديق وتفصيل و { لا ريب فيه } اعتراض كقولك : زيد لا شك فيه كريم . والمعنى ولكن كان تصديقاً من رب العالمين وتفصيلاً منه لا ريب فيه .

/خ41