لما تقدم قولهم : { ائت بقرآن غير هذا أو بدله } وكان من قولهم : إنه افتراه قال تعالى : وما كان هذا القرآن أن يفتري أي : ما صح ، ولا استقام أن يكون هذا القرآن المعجزة مفترى .
والإشارة بهذا فيها تفخيم المشار إليه وتعظيمه ، وكونه جامعاً للأوصاف التي يستحيل وجودها فيه أن يكون مفترى .
والظاهر أنّ أنْ يفتري هو خبر كان أي : افتراء ، أي : ذا افتراء ، أو مفترى .
ويزعم بعض النحويين أنّ أنْ هذه هي المضمرة بعد لام الجحود في قولك : ما كان زيد ليفعل ، وأنه لما حذفت اللام أظهرت أنْ وأنّ اللام وأن يتعاقبان ، فحيث جيء باللام لم تأت بأن بل تقدرها ، وحيث حذفت اللام ظهرت أنْ .
والصحيح أنهما لا يتعاقبان ، وأنه لا يجوز حذف اللام وإظهار أن إذ لم يقم دليل على ذلك .
وعلى زعم هذا الزاعم لا يكون أنْ يفتري خبراً لكان ، بل الخبر محذوف .
وأن يفترى معمول لذلك الخبر بعد إسقاط اللام ، ووقعت لكنْ هنا أحسن موقع إذ كانت بين نقيضين وهما : الكذب والتصديق المتضمن الصدق ، والذي بين يديه الكتب الإلهية المتقدمة قاله ابن عباس كما جاء مصدّقاً لما معكم .
وعن الزجاج الذي بين يديه أشراط الساعة ، ولا يقوم البرهان على قريش إلا بتصديق القرآن ما في التوراة والإنجيل ، مع أن الآتي به يقطعون أنه لم يطالع تلك الكتب ولا غيرها ، ولا هي في بلده ولا قومه ، لا بتصديق الاشراط ، لأنهم لم يشاهدوا شيئاً منها .
وتفصيل الكتاب تبيين ما فرض وكتب فيه من الأحكام والشرائع .
وقرأ الجمهور : تصديق وتفصيل بالنصب ، فخرجه الكسائي والفراء ومحمد بن سعدان والزجاج على أنه خبر كان مضمرة أي : ولكن كان تصديق أي مصدقاً ومفصلاً .
وقيل : انتصب مفعولاً من أجله ، والعامل محذوف ، والتقدير : ولكن أنزل للتصديق .
وقيل : انتصب على المصدر ، والعامل فيه فعل محذوف .
وقرأ عيسى بن عمر : تفصيل وتصديق بالرفع ، وفي يوسف خبر مبتدأ محذوف أي : ولكن هو تصديق .
ولست الشاعر السفساف فيهم *** ولكن مده الحرب العوالي
وزعم الفراء ومن تابعه أنّ العرب إذا قالت ولكن بالواو آثرت تشديد النون ، وإذا لم تكن الواو آثرت التخفيف .
وقد جاء في السبعة مع الواو التشديد والتخفيف ، ولا ريب فيه داخل في حيز الاستدراك كأنه قيل : ولكن تصديقاً وتفصيلاً منتفياً عنه الريب ، كائناً من رب العالمين .
قال الزمخشري : ويجوز أن يراد ولكن كان تصديقاً من رب العالمين وتفصيلاً منه في ذلك ، فيكون من رب العالمين متعلقاً بتصديق وتفصيل ، ويكون لا ريب فيه اعتراضاً كما تقول : زيد لا شك فيه كريم انتهى .
فقوله : فيكون من رب العالمين متعلقاً بتصديق وتفصيل ، إنما يعني من جهة المعنى ، وأما من جهة الإعراب فلا يكون إلا متعلقاً بأحدهما ، ويكون من باب الأعمال وانتفاء الريب عنه على ما بيَّن في البقرة في قوله : { ذلك الكتاب لا ريب فيه } وجمع بينه وبين قوله : { وإن كنتم في ريب مما نزلنا }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.