الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قَالَ يَٰقَوۡمِ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّي وَءَاتَىٰنِي رَحۡمَةٗ مِّنۡ عِندِهِۦ فَعُمِّيَتۡ عَلَيۡكُمۡ أَنُلۡزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمۡ لَهَا كَٰرِهُونَ} (28)

وقوله سبحانه : { قَالَ يا قوم أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ على بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِندِهِ } [ هود : 28 ] .

كأنه قال : أرأيتم إِن هدانِي اللَّهُ وأضلَّكم ، أَأُجبرُكُمْ على الهدَى ، وأنتم له كارِهُونَ ، وعبارة نوحٍ عليه السلام كانَتْ بلغته دالَّة على المعنى القائِم بنَفْسه ، وهو هذا المفهومُ مِنْ هذه العبارة العربيَّة ، فبهذا استقام أنْ يقال : قال كذا وكذا ، إِذ القوم ما أفاد المعنى القائِمَ في النَّفْس ، وقوله : { على بَيِّنَةٍ } أي : على أمْرٍ بيِّن جَلِيٍّ ، وقرأ الجمهور : «فَعَمِيَتْ » ولذلك وجهان من المعنَى :

أحدهما : خَفِيَتْ .

والثاني : أَنْ يكون المعنَى : فَعُمِّيتُمْ أنتم عنها .

وقوله : { أَنُلْزِمُكُمُوهَا } : يريد : إِلزامَ جبر ؛ كالقتال ونحوه ، وأما إِلزامُ الإِيجاب ، فهو حاصلٌ .