بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قَالَ يَٰقَوۡمِ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّي وَءَاتَىٰنِي رَحۡمَةٗ مِّنۡ عِندِهِۦ فَعُمِّيَتۡ عَلَيۡكُمۡ أَنُلۡزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمۡ لَهَا كَٰرِهُونَ} (28)

{ قَالَ } نوح : { قَالَ يا قوم أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ مّن رَّبّى } يعني : إن كنت على دين ويقين وبيان من ربي ، { وآتاني رحمة من عنده } يقول : أكرمني بالرِّسالة والنُّبُوَّةِ { فَعُمّيَتْ عَلَيْكُمْ } ، يعني : عميت عليكم هذه البينة . ويقال : عُميتم عن ذلك . يقال : عمي عليه هذا إذا لم يفهم . ويقال : التبست عليكم هذه النعمة ، وهذه البينة التي هي من الله تعالى ، فلم تبصروها ولم تعرفوها . قرأ حمزة ، والكسائي ، وعاصم في رواية حفص ، { فَعُمِّيَتْ } بضم العين وتشديد الميم ، على معنى فعل ما لم يُسَمَّ فاعله . وقرأ الباقون : بنصب العين والتخفيف ، ومعناه واحد ، يعني : خَفِيَتْ عليكم هذه النعمة ، والرحمة . واتفقوا في سورة القصص { فَعُمِّيَتْ عَلَيْهمْ الأَنْبَاءُ } القصص 66 بالنصب .

ثم قال : { أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كارهون } ؟ يعني : كيف نعرفكموها وأنتم للنبوة كارهون ؟ قال قتادة : أما والله لو استطاع نبي الله لألزمها قومه ، ولكن لم يملك ذلك . ويقال : أفنفهمكموها { وأنتم لها كارهون } ؟ يعني : منكرون . ويقال : أنحملكموها ، يعني : معرفتها . ويقال : أنعلمكموها وأنتم تكذبونني ولا تناظروني في ذلك .