مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{قَالَ يَٰقَوۡمِ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّي وَءَاتَىٰنِي رَحۡمَةٗ مِّنۡ عِندِهِۦ فَعُمِّيَتۡ عَلَيۡكُمۡ أَنُلۡزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمۡ لَهَا كَٰرِهُونَ} (28)

{ قَالَ يَا قَوْمٌ أَرَءيْتُمْ } أخبروني { إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ } برهان { مّن رَّبّى } وشاهد منه يشهد بصحة دعواي { وآتني رحمةً من عنده } يعني النبوة { فَعُمّيَتْ عَلَيْكُمْ } -أي خفيت . { فعميت } : حمزة وعلي وحفص أي أخفيت أي فعميت عليكم البينة فلم تهدكم كما لو عمي على القوم دليلهم في المفازة بقوا بغيرها ، وحقيقته أن الحجة كما جعلت بصيرة ومبصرة جعلت عمياء لأن الأعمى لا يهتدي ولا يهدي غيره { أَنُلْزِمُكُمُوهَا } أي الرحمة { وَأَنتُمْ لَهَا كارهون } لا تريدونها ، والواو دخلت هنا تتمة للميم . وعن أبي عمرو إسكان الميم ووجهه أن الحركة لم تكن إلا خلسة خفيفة فظنها الراوي سكوناً وهو لحن ، لأن الحركة الإعرابية لا يسوغ طرحها إلا في ضرورة الشعر .