محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{فَأَجَآءَهَا ٱلۡمَخَاضُ إِلَىٰ جِذۡعِ ٱلنَّخۡلَةِ قَالَتۡ يَٰلَيۡتَنِي مِتُّ قَبۡلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسۡيٗا مَّنسِيّٗا} (23)

{ فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا ( 23 ) } .

{ فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ } أي : فألجأها ألم الولادة إلى الاستناد بالجذع لتعتمد عليه وتستتر به . و ( أجاء ) – قال الزمخشري – منقول من ( جاء ) إلى أن استعماله قد تغير بعد النقل إلى معنى الإلجاء . وقرئ ( المخاض ) بكسر الميم وكلاهما مصدر ( مخضت المرأة ) إذا تحرك الولد في بطنها للخروج { قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا } أي الحمل { وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا } أي شيئا تافها ، شأنه أن ينسى ولا يعتد به . منسيا لا يخطر على بال أحد . وهو نعت للمبالغة . وإنما قالت ذلك ، لما عرفت أنها ستبتلى وتمتحن بهذا المولود ، الذي لا يحمل الناس أمرها فيه على السداد . فلحقها فرط الحياء وخوف اللائمة إذا بهتوها وهي عارفة ببراءة الساحة ، وبضد ما قرفت به ، من اختصاص الله إياها بغاية الإجلال والإكرام – قال الزمخشري : لأنه مقام دحض ، فلما تثبت عليه الأقدام ، أن تعرف اغتباطك بأمر عظيم وفضل باهر ، تستحق به المدح وتستوجب التعظيم ، ثم تراه عند الناس لجهلهم به – عيبا به ويعنف بسببه .

/خ36