غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا} (33)

21

ثم أمرهن بلزوم بيوتهن بقوله { وقرن } بفتح القاف أمر من القرار بإسقاط أحد حرفي التضعيف كقوله { فظلتم تفكهون } [ الواقعة : 65 ] وأصله " إقررن " . من قرأ بكسرها فهو أمر من قر يقر قراراً أو من قر يقر بكسر القاف . وقيل : المفتوح من قولك قار يقار إذا اجتمع . والتبرج إظهار الزينة كما مر في قوله { غير متبرجات بزينة } [ النور : 60 ] وذلك في سورة النور . والجاهلية الأولى هي القديمة التي كانت في أول زمن إبراهيم عليه السلام ، أو ما بين آدم ونوح ، أو بين إدريس ونوح ، أو في زمن داود وسليمان . والجاهلية الأخرى ما بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم .

وقيل : الأولى جاهلية الكفر ، والأخرى الفسق والابتداع في الإسلام . وقيل : إن هذه أولى ليست لها أخرى بل معناه تبرج الجاهلية القديمة ، وكانت المرأة تلبس درعاً من اللؤلؤ فتمشي وسط الطريق تعرض نفسها على الرجال . ثم أمرهن أمراً خاصاً بالصلاة والزكاة ثم عاماً في جميع الطاعات ، ثم علل جميع ذلك بقوله { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس } فاستعار للذنوب الرجس ، وللتقوى الطهر . وإنما أكد إزالة الرجس بالتطهير لأن الرجس قد يزول ولم يطهر المحل بعد . و { أهل البيت } نصب على النداء ، أو على المدح ، وقد مر في آية المباهلة أنهم أهل العباء النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أصل ، وفاطمة رضي الله عنهما والحسن والحسين رضي الله عنهما بالاتفاق . والصحيح أن علياً رضي الله عنه منهم لمعاشرته بنت النبي صلى الله عليه وسلم و ملازمته إياه . وورود الآية في شأن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يغلب على الظن دخولهن فيهن ، والتذكير للتغليب . فإن الرجال وهم النبي وعلي وأبناؤهم غلبوا على فاطمة وحدها ، أو مع أمهات المؤمنين .

/خ40