الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَٰدِعُهُمۡ وَإِذَا قَامُوٓاْ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُواْ كُسَالَىٰ يُرَآءُونَ ٱلنَّاسَ وَلَا يَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ إِلَّا قَلِيلٗا} (142)

قوله تعالى : { وَهُوَ خَادِعُهُمْ }[ النساء :142 ] .

عبارةٌ عن عقوبَتِهِمْ ، سمَّاها باسم الذَّنْب ، وقال ابنُ جْرَيْج ، والحَسَن والسُّدِّيُّ ، وغيرهم من المفسِّرين : إنَّ هذا الخَدْعَ هو أنَّ اللَّه تعالى يُعْطِي لهذه الأُمَّة يوم القيامةِ نُوراً لكلِّ إنسانٍ مؤمن ، أو منافقٍ ، فيفرح المنافِقُونَ ، ويظُنُّون ، أنهم قد نَجَوْا ، فإذا جاؤوا إلى الصِّراطِ ، طُفِئَ نورُ كلِّ منافقٍ ، ونهَضَ المؤمنُونَ ، فَذَلكَ قولُ المنافِقِينَ : { انظرونا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ }[ الحديد : 13 ] ، فذلك هو الخَدْع الذي يَجْرِي عَلَى المنافِقِينَ ، ثم ذكر سبحانه كَسَلَهُمْ في الصلاةِ ، وتلْكَ حالُ كُلِّ مَنْ يعمل كارهاً غيْرَ معتقِدٍ فيه الصَّواب ، بل تقيَّةً أو مصانَعَةً .

قال ابنُ العَرَبِيِّ في «أحكامه » : قوله تعالى : { وَلاَ يَذْكُرُونَ الله إِلاَّ قَلِيلاً } ، روى الأئمَّة مالكٌ وغيره ، عن أنسٍ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( تِلْكَ صَلاَةُ المُنَافِقِينَ ، تِلْكَ صَلاَةُ المُنَافِقِينَ ، تِلْكَ صَلاَةُ المُنَافِقِينَ ، يَجْلِسُ أَحَدُهُمْ حتى إذَا اصفرت الشَّمْسُ ، وَكَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ ، قَامَ يَنْقُرُ أَرْبَعاً لاَ يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إلاَّ قَلِيلاً ) قال ابن العربيِّ : وقد بيَّن تعالى صلاةَ المؤمنين بقوله : { قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون }[ المؤمنون : 1و2 ] ومن خَشَعَ خَضَعَ واستمر ، ولم ينقُرْ صلاتَهُ ، ولم يستعْجِلْ ، انتهى .