غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَيَقُولُونَ طَاعَةٞ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنۡ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٞ مِّنۡهُمۡ غَيۡرَ ٱلَّذِي تَقُولُۖ وَٱللَّهُ يَكۡتُبُ مَا يُبَيِّتُونَۖ فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلًا} (81)

71

ثم حكى سيرة المنافقين بقوله : { ويقولون } أي حين ما أمرتهم بشيء { طاعة } أي أمرنا وشأننا طاعة ، والنصب في مثل هذا جائز بمعنى أطعناك طاعة ، ولكن الرفع يدل على ثبات الطاعة واستقرارها فلهذا لم يقرأ بغيره { فإذا بروزا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول } أي دبرت خلاف ما أمرت به وما ضمنت من الطاعة . قال الزجاج : كل أمر تفكروا فيه كثيراً وتأملوا في مصالحه ومفاسده كثيراً قيل هذا أمر مبيت . وفي اشتقاقه وجهان : الأول أن أصلح الأوقات للفكر أن يجلس في بيته في الليل فهناك يكون الخاطر أصفى والشواغل أقل فلا جرم سمي الفكر المستقصي تبييتاً . . الثاني قال الأخفش : إذا أراد العرب قرض الشعر بالقوافي بالغوا في التفكر فيه فسمي الفكر البليغ تبييتاً ، فاشتقاقه من أبيات الشعر . ثم إنه تعالى خص طائفة من المنافقين بالتبييت ، وذكروا في التخصيص وجهين : أحدهما أنه ذكر من علم أنه يبقى على كفره ونفاقه ، فأما من علم أنه يرجع عن ذلك فلم يذكرهم . وثانيهما أن هذه الطائفة كانوا قد سهروا ليلهم في التبييت وغيرهم سمعوا وسكتوا ولم يبيتوا فلا جرم لم يذكروا . قلت : ووجه ثالث وهو أن هذا النوع من الكلام أجلب للقلوب وأدخل في عدم الإنكار . { والله يكتب ما يبيتون } يثبته في صحائف أعمالهم ويجازيهم عليه أو يكتبه في جملة ما يوحى إليك فيطلعك على أسرارهم { فأعرض عنهم وتوكل على الله } في شأنهم فإنّ الله ينتقم لك منهم إذا قوي أمر الإسلام وعزت أنصاره . قال بعضهم : الأمر بالإعراض منسوخ بآية الجهاد . والأكثرون على أن الصفح مطلق فلا حاجة إلى التزام والنسخ والله تعالى أعلم .

/خ81