الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَيَقُولُونَ طَاعَةٞ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنۡ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٞ مِّنۡهُمۡ غَيۡرَ ٱلَّذِي تَقُولُۖ وَٱللَّهُ يَكۡتُبُ مَا يُبَيِّتُونَۖ فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلًا} (81)

قوله : ( وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فِإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِندِكَ ) الآية [ 81 ] .

" طاعة " رفعت( {[12976]} ) على معنى : أمرنا طاعة ، فالمبتدأ مضمر( {[12977]} ) وأجاز الأخفش النصب [ على( {[12978]} ) ] المصدر كأنهم يقولون نطيع( {[12979]} ) طاعة( {[12980]} ) ، وهذه الآية ، نزلت في الذين تقدم ذكرهم أنهم لما كتب عليهم القتال خشوا ( النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوَ اَشَدَّ خَشْيَةً )( {[12981]} ) .

فالمعنى : يقولون أمرنا( {[12982]} ) طاعة فيما تأمرنا به وتنهانا عنه يا محمد ، فإذا خرجوا من عندك يا محمد ( بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الذِي تَقُولُ )( {[12983]} ) أي : غير جماعة منهم ليلاً الذي تقول أي : تقول الطائفة .

ويجوز أن يكون المعنى غير الذي تقول يا محمد من القرآن وغير ذلك ، وكل من عمل عملاً فقد بيته( {[12984]} ) ، ( وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ) أي : يثبت ما يغيرون من قولك في كتب أعمالهم التي تحصى عليهم .

قال السدي : هم المنافقون يطيعون ، إذا حضروا ، فإذا خرجوا غيروا وبدلوا( {[12985]} ) ، وقاله ابن عباس وغيره( {[12986]} ) .

وقيل( {[12987]} ) معنى : يكتب ما يبيتون أي ينزله في كتابه إليك يا محمد ويخبرك به ، وفي ذلك أعظم الآيات للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه يخبرهم بما يسرون ليلاً .

قوله : ( فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ) أي : دعهم قال الضحاك : المعنى لا تخبرهم بأسمائهم( {[12988]} ) .

( وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ) فوض أمرك إليه ، ( وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً ) ، أي : حسبك ناصراً على عدوك .


[12976]:- (أ): رفعنا (د): رفع.
[12977]:- انظر: معاني الزجاج 2/81.
[12978]:- ساقط من (أ) (د).
[12979]:- انظر: معاني الأخفش 451.
[12980]:- (أ): نطيع آية.
[12981]:- النساء آية 77.
[12982]:- كذا... وصوابه أمرك، وبه جاءت رواية في جامع البيان 5/177.
[12983]:- (أ) غير الذي تقول يا محمد من القرآن.
[12984]:- يقال بيت الأمر يبيته إذا دبره أو عمله ليلاً، المفردات: 64.
[12985]:- (د): غير واو أو بدلوا.
[12986]:- انظر: جامع البيان 5/178.
[12987]:- انظر: معاني الزجاج 2/81.
[12988]:- انظر: جامع البيان 5/179.