فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَيَقُولُونَ طَاعَةٞ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنۡ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٞ مِّنۡهُمۡ غَيۡرَ ٱلَّذِي تَقُولُۖ وَٱللَّهُ يَكۡتُبُ مَا يُبَيِّتُونَۖ فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلًا} (81)

{ وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ } بالرفع على أنها خبر مبتدأ محذوف ، أي : أمرنا طاعة ، أو شأننا طاعة .

وقرأ الحسن ، والجحدري ، ونصر بن عاصم بالنصب على المصدر ، أي : نطيع طاعة ، وهذه في المنافقين في قول أكثر المفسرين ، أي : يقولون إذا كانوا عندك طاعة { وَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِندِكَ } أي : خرجوا من عندك . { بَيَّتَ طَائِفَةٌ مّنْهُمْ } أي : زوّرت طائفة من هؤلاء القائلين غير الذي تقول لهم أنت ، وتأمرهم به ، أو غير الذي تقول لك هي من الطاعة لك وقيل : معناه : غيروا وبدّلوا وحرّفوا قولك فيما عهدت إليهم ، والتبييت : التبديل ، ومنه قول الشاعر :

أتوني فلم أرض ما بيتوا *** وكانوا أتوني بأمر نكر

يقال بيت الرجل الأمر : إذا تدبره ليلاً ، ومنه قوله تعالى : { إِذْ يُبَيّتُونَ مَا لاَ يرضى مِنَ القول } [ النساء : 108 ] { والله يَكْتُبُ مَا يُبَيّتُونَ } أي : يثبته في صحائف أعمالهم ليجازيهم عليه . وقال الزجاج : المعنى ينزله عليك في الكتاب . قوله : { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } أي : دعهم وشأنهم حتى يمكن الانتقام منهم وقيل : معناه : لا تخبر بأسمائهم . وقيل : معناه : لا تعاقبهم . ثم أمره بالتوكل عليه ، والثقة به في النصر على عدوه ، قيل : وهذا منسوخ بآية السيف .

/خ81