قوله : { يَوْماً } : منصوبٌ إمَّا ب " تَتَّقُون " على سبيلِ المفعولِ به تجوَّزاً . وقال الزمخشري : " يوماً " مفعولٌ به ، أي : فكيف تَقُوْنَ أنفسَكم يومَ القيامةِ وهَوْلَه إنْ بَقِيْتُمْ على الكفرِ ؟ " . وناقشه الشيخُ فقال : " وتَتَّقون مضارعُ اتَّقى ، واتَّقى ليس بمعنى وَقَى حتى يُفَسِّرَه به ، واتقَّى يتعدَّى إلى واحدٍ ، ووَقَى يتعدَّى إلى اثنين . قال تعالى :
{ وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ } [ الدخان : 56 ] . ولذلك قَدَّره الزمخشريُّ ب تَقُون أنفسَكم ، لكنه ليس " تَتَّقون " بمعنى يَقُوْن ، فلا يُعَدَّى تَعْديَتَه " انتهى .
ويجوزُ أَنْ ينتصِبَ على الظرفِ ، أي : فكيف لكم بالتقوى يومَ القيامة ، إنْ كَفَرْتُمْ في الدنيا ؟ قاله الزمخشريُّ . ويجوزُ أَنْ ينتصِبَ مفعولاً به ب " كَفَرْتُمْ " إذا جُعِل " كَفَرْتُمْ " بمعنى جَحَدْتُم ، أي فكيف تَتَّقون اللَّهَ وتَخْشَوْنه إنْ جَحَدْتُمْ يومَ القيامةِ ؟ ولا يجوزُ أن ينتصِبَ ظرفاً ، لأنهم لا يكفرون ذلك اليومَ ؛ بل يُؤْمِنون لا محالةَ . ويجوزُ أَنْ ينتصِبَ على إسقاطِ الجارِّ ، أي : إن كفرتُمْ بيومِ القيامةِ . والعامَّةُ على تنوين " يوماً " وجَعْلِ الجملةِ بعده نعتاً له . والعائدُ محذوفٌ ، أي : يَجْعل الوِلْدانَ فيه . قاله أبو البقاء ولم يتعرَّضْ للفاعلِ في " يَجْعَلُ " ، وهو على هذا ضميرُ الباري تعالى ، أي : يوماً يجعلُ اللَّهُ فيه . وأحسنُ مِنْ هذا أَنْ يُجْعَلَ العائدُ مضمراً في " يَجْعَلُ " هو فاعلَه ، وتكون نسبةُ الجَعْلِ إلى اليومِ من بابِ المبالغةِ ، أي : نفسُ اليوم يَجْعَلُ الوِلْدانَ شِيْبا .
وقرأ زيدُ بنُ عليّ " يومَ يَجْعَلُ " بإضافةِ الظرفِ للجملة . والفاعلُ على هذا هو ضميرُ الباري تعالى . والجَعْلُ هنا بمعنى التصيير ف " شِيْباً " مفعولٌ ثانٍ ، وهو جمعُ أَشْيَب . وأصلُ الشينِ الضمُّ فكُسِرَتْ لتصِحَّ الياءُ نحو : أحمر وحُمْر . قال الشاعر :
مِنَّا الذي هُوَ ما إنْ طُرَّ شارِبُه *** والعانِسُون ومنا المُرْدُ والشِّيْبُ
4375 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** لَعِبْنَ بنا شِيْباً وشَيَّبْنَنا مُرْدا
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.