قال معاذ بن جبل : يا رسول الله ما بال الهلال يبدو دقيقاً مثل الخيط ثم يزيد حتى يمتلىء ويستوي ، ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدا لا يكون على حالة واحدة كالشمس ؟ فنزل { يَسْئَلُونَكَ عَنِ الأهلة } جمع هلال سمي به لرفع الناس أصواتهم عند رؤيته { قُلْ هِىَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ والحج } أي معالم يوقت بها الناس مزارعهم ومتاجرهم ومحال ديونهم وصومهم وفطرهم وعدة نسائهم وأيام حيضهن ومدة حملهن وغير ذلك ، ومعالم للحج يعرف بها وقته . كان ناس من الأنصار إذا أحرموا لم يدخل أحد منهم حائطاً ولا داراً ولا فسطاطاً من باب ، فإن كان من أهل المدر نقب نقباً في ظهر بيته منه يدخل ويخرج ، وإن كان من أهل الوبر خرج من خلف الخباء فنزل { وَلَيْسَ البر بِأَن تَأْتُواْ البيوت مِن ظُهُورِهَا } أي ليس البر بتحرجكم من دخول الباب ، ولا خلاف في رفع البر هنا لأن الآية ثمة تحتمل الوجهين كما بينا فجاز الرفع والنصب ثمة ، وهذه لا تحتمل إلا وجهاً واحداً وهو الرفع إذ الباء لا تدخل إلا على خبر «ليس » { ولكن البر } بر { مَنِ اتقى } ما حرم الله . «البيوت » وبابه مدني وبصري وحفص وهو الأصل مثل كعب وكعوب ، ومن كسر الباء فلمكان الياء بعدها ولكن هي توجب الخروج من كسر إلى ضم وكأنه قيل لهم عند سؤالهم عن الأهلة وعن الحكمة في نقصانها وتمامها . معلوم أن كل ما يفعله الله تعالى لا يكون إلا حكمة فدعوا السؤال عنه وانظروا في خصلة واحدة تفعلونها مما ليس من البر في شيء وأنتم تحسبونها براً ، فهذا وجه اتصاله بما قبله . ويحتمل أن يكون ذلك على طريق الاستطراد لما ذكر أنها مواقيت الحج لأنه كان من أفعالهم في الحج ، ويحتمل أن يكون هذا تمثيلاً لتعكيسهم في سؤالهم وإن مثلهم فيه كمثل من يترك باب البيت ويدخل من ظهره ، والمعنى ليس البر وما ينبغي أن تكونوا عليه بأن تعكسوا في مسائلكم ، ولكن البر بر من اتقى ذلك وتجنبه ولم يجسر على مثله .
{ وَأْتُواْ البيوت مِنْ أبوابها } وباشروا الأمور من وجوهها التي يجب أن تباشر عليها ولا تعكسوا ، أو المراد وجوب الاعتقاد بأن جميع أفعاله تعالى حكمة وصواب من غير اختلاج شبهة ولا اعتراض شك في ذلك حتى لا يسأل عنه لما في السؤال من الاتهام بمقارنة الشك { لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ } [ الأنبياء : 23 ] { واتقوا الله } فيم أمركم به ونهاكم عنه { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } لتفوزوا بالنعيم السرمدي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.