غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَخُذۡ بِيَدِكَ ضِغۡثٗا فَٱضۡرِب بِّهِۦ وَلَا تَحۡنَثۡۗ إِنَّا وَجَدۡنَٰهُ صَابِرٗاۚ نِّعۡمَ ٱلۡعَبۡدُ إِنَّهُۥٓ أَوَّابٞ} (44)

قوله :{ وخذ } معطوف على { اركض } والضغث الحزمة الصغيرة من حشيش أو ريحان أو سنبلة . قال مجاهد : هو لأيوب خاصة . وعن قتادة : هو عام في هذه الأمة . والصحيح أنه باق في المريض والمعذور لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بمخدج وقد زنى بأمة فقال : خذوا عثكالاً فيه مائة شمراخ فاضربوه بها ضربة حلل الله يمين أيوب بأهون شيء عليه وعليها لحسن خدمتها إياه ورضاه عنها . ومعنى { وجدناه صابراً } علمنا منه الصبر .

وههنا نكتة ذكرها بعض أرباب القلوب وهي أنه لما نزل في حق سليمان { نعم العبد } تارة وفي حق أيوب أخرى ، اغتم أمة محمد صلى الله عليه وسلم وقالوا : هذا تشريف عظيم فإن كان سببه اتفاق مملكة مثل مملكة سليمان فنحن لا نقدر عليه ، وإن كان سببه تحمل بلاء مثل بلاء أيوب فنحن لا نطيقه ، فكيف السبيل إلى تحصيله ؟ فأنزل الله تعالى قوله { فنعم المولى ونعم النصير } [ الحج : 78 ] والمراد أنك إن لم تكن نعم العبد فأنا نعم المولى ، فإن كان منك الفضول فمني الفضل ، وإن كان منك التقصير فمني النصرة والتوفيق . قلت : وصف أنبياء سائر الأمم بقوله { نعم العبد } ووصف هذه الأمة بقوله { كنتم خير أمة } [ آل عمران : 110 ] فلا تشريف فوق هذا .