وقوله تعالى : { وخذ بيد ضغثا } الضغث : ما يجمع من شيء من الرطب ويحمل الكف من الحشيش أو الشماريخ ونحو ذلك . قال ابن عباس ، أُمر أن يأخذ حزمة من رطبة بقدر ما حلف عليه فيضربها به{[58416]} .
قال الحسن مكث أيوب مطرحا على كناسة سبع سنين وأشهرا ، ما يسأل الله أن يكشف ما به . قال : وما على الأرض أكرم على الله من أيوب . فقال بعض الناس : لو كان لرب هذا فيه حاجة ما ضيع هذا . قال : فعند ذلك / دعا أيوب ربه فكشف ما به{[58417]} .
قال قتادة : كان إبليس قد تعرض لامرأته فقال لها : لو تكلمت كذا وكذا شفيته . فحلف أيوب لئن شفاه الله{[58418]} ليجلدنها مائة جلدة . فأمر أن يأخذ أصلا فيه تسعة وتسعون{[58419]} قضيبا ، والأصل تكملة{[58420]} المائة ، فيضربها به ضربة واحدة فيبر من يمينه ويخفف الله بذلك عن امرأته{[58421]} .
قال الضحاك : ضغثا ، يعني : من الشجر الرطب . كان حلف على يمين فأخذ من الشجر عدد م حلف عليه فضرب ضربة واحدة فَبَرَّت يمينه ، وهو في الناس اليوم : يمين أيوب . من أخذ بها فهو أحسن{[58422]} .
قال عطاء : هذا لجميع الناس{[58423]} ، وقال مجاهد وغيره : هو خاص لأيوب ، لا يعمل به غيره ولا يجزيه . وهو قول مالك ، وهو قول جماعة العلماء إلا الشافعي فإنه أجاز لمن حلف على عشر ضربات فضرب بشمراخ فيه عشر قضبان مرة فأصابت المضروب أنه يبر{[58424]} قال ابن جبير : يعني بالضغث قبضة من المكانس{[58425]} .
ثم قال تعالى : { إنا وجدناه صابرا } أي : على البلاء .
{ نعم العبد إنه أواب } أي : رجاع عن معصية الله إلى طاعته .
قال ابن عباس : اتخذ إبليس تابوتا وقعد{[58426]} على الطريق يداوي الناس ، فأتته امرأة أيوب ، فقالت : إن هاهنا إنسانا{[58427]} مبتلى من أمره كذا ، هل لك أن تداويه ؟ قال : نعم على أني إن شفيته أن يقول كلمة واحدة . يقول : أنت شفيتني ، لا أريد منه أجرا غيرها . فأخبرت بذلك أيوب . فقال : ويحك ! ذلك الشيطان ! لله علي إن شفاني الله{[58428]} أن أجلدك مائة جلدة . فلما شفاه الله أمره أن يأخذ ضغثا ( فيضربها به ){[58429]} . فأخذ شماريخ قدر ماشة فضربها به{[58430]} ضربة واحدة{[58431]} .
وقال غير ابن عباس ، إنما نذر أن يضربها حين باعت شعرها بالطعام فافتقده وخافها على نفسها .
ويروى أن أيوب عليه السلام{[58432]} لم يدع في بلائه ، وصبر حتى نال ثلاثة أشياء ، فعند ذلك دعا الله عز وجل : وذلك أن صديقين له بالشام بلغهما خبره فتزودا ومضيا لزيارته فوجداه في منزله{[58433]} لم يبق منه إلا عيناه ، فقالا له : أنت أيوب ! فقال : نعم فقالا له : لو كان عملك – الذي رأيناه – يُفْضَى به إلى الله عز وجل ما لقيت الذي نرى . فقال لهما : وأنتما تقولان ذلك لي ! فَبَلَغَ ذلك منه .
والثانية أن امرأته قطعت ثلاثة ذوائب لها وباعتها في طعامه . فلما علم ذلك ، عَظُمَ عليه ، وبلغ ذلك منه . فهذه ثانية والثالثة : قبول امرأته من إبليس إذا أراد أن يحتال عليها ، فعند ذلك تواعدها ، وأقسم لئن شفاه الله ليضربنها مائة ضربة . وعند ذلك دعا إلى الله فشفاه الله{[58434]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.