البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَلِذَٰلِكَ فَٱدۡعُۖ وَٱسۡتَقِمۡ كَمَآ أُمِرۡتَۖ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡۖ وَقُلۡ ءَامَنتُ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِن كِتَٰبٖۖ وَأُمِرۡتُ لِأَعۡدِلَ بَيۡنَكُمُۖ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡۖ لَنَآ أَعۡمَٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَٰلُكُمۡۖ لَا حُجَّةَ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمُۖ ٱللَّهُ يَجۡمَعُ بَيۡنَنَاۖ وَإِلَيۡهِ ٱلۡمَصِيرُ} (15)

{ فلذلك } ، أن يكون إشارة إلى إقامة الدين ، أي فادع لدين الله وإقامته ، لا تحتاج إلى تقدير اللام بمعنى لأجل ، لأن دعا يتعدى باللام ، قال الشاعر :

دعوت لما نابني مسوراً *** فلبى فلبى يدي مسورا

واحتمل أن تكون اللام للعلة ، أي فلأجل ذلك التفرق .

ولما حدث بسببه من تشعب الكفر شعباً ، { فادع } إلى الاتفاق والائتلاف على الملة الحنيفية ، { واستقم } : أي دم على الاستقامة ، وتقدم الكلام على { فاستقم كما أمرت } وكيفية هذا التشبيه في أواخر هود .

{ ولا تتبع أهواءهم } المختلفة الباطلة ، وأمره بأن يصرح أنه آمن بكل كتاب أنزله الله ، لأن الذين تفرقوا آمنوا ببعض .

{ وأمرت لأعدل بينهم } ، قيل : إن المعنى : وأمرت بما أمرت به لأعدل بينكم في إيصال ما أمرت به إليكم ، لا أخص شخصاً بشيء دون شخص ، فالشريعة واحدة ، والأحكام مشترك فيها .

وقيل : لاعدل بينكم في الحكم إذا تخاصمتم فتحاكمتم .

{ لا حجة بيننا وبينكم } : أي قد وضحت الحجج وقامت البراهين وأنتم محجوجون ، فلا حاجة إلى إظهار حجة بعد ذلك .

{ الله يجمع بيننا } وبينكم ، أي يوم القيامة ، فيفصل بيننا .

وما يظهر في هذه الآية من الموادعة منسوخ بآية السيف .