مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{قُل لِّمَن مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ قُل لِّلَّهِۚ كَتَبَ عَلَىٰ نَفۡسِهِ ٱلرَّحۡمَةَۚ لَيَجۡمَعَنَّكُمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَا رَيۡبَ فِيهِۚ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (12)

{ قُل لِّمَن مَّا فِي السماوات والأرض } «من » استفهام و «ما » معنى الذي في موضع الرفع على الابتداء و «لمن » خبره { قُل لِلَّهِ } تقرير لهم أي هو لله لا خلاف بيني وبينكم ، ولا تقدرون أن تضيفوا منه شيئاً إلى غيره { كَتَبَ على نَفْسِهِ الرحمة } أصل كتب أوجب ولكن لا يجوز الإجراء على ظاهره إذ لا يجب على الله شيء للعبد ، فالمراد به أنه وعد ذلك وعداً مؤكداً وهو منجزه لا محالة . وذكر النفس للاختصاص ورفع الوسائط ، ثم أوعدهم على إغفالهم النظر و إشراكهم به من لا يقدر على خلق شيء بقوله { لَيَجْمَعَنَّكُمْ إلى يَوْمِ القيامة } فيجازيكم على إشراككم { لاَ رَيْبَ فِيهِ } في اليوم أو في الجمع { الذين خَسِرُواْ أَنفُسَهُم } نصب على الذم أي أريد الذين خسروا أنفسهم باختيارهم الكفر { فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } وقال الأخفش : «الذين » بدل من «كم » في { لَيَجْمَعَنَّكُمْ } أي ليجمعن هؤلاء المشركين الذين خسروا أنفسهم و الوجه هو الأول لأن سيبويه قال : لا يجوز «مررت بي المسكين ولا بك المسكين » فتجعل «المسكين » بدلاً من الياء أو الكاف لأنهما في غاية الوضوح فلا يحتاجان إلى البدل والتفسير .