التفسير : إنه سبحانه لما برهن على إثبات الصانع وتحقيق النبوّات وتقرير المعاد ، وانجر الكلام إلى الأمر باعتبار أحوال الغابرين ، عاد إلى إثبات هذه المطالب بطريق الإلزام وأخذ الاعتراف ، وذلك أن آثار الحدوث وسمات الإمكان لائحة على صفحات السمويات والأرضيات حتى بلغ في ظهوره إلى حيث لا يقدر منكر على إنكاره ، فكان في السؤال تبكيت وإفحام ، وفي الجواب تقرير وإلزام ، أي هو لله بلا مراء وشقاق ولن يتم الملك إلا إذا كان قادراً على الإعادة كما هو قادر على الإبداء ، ولن تحصل حكمة الإعادة إلا بثواب المطيعين وعقاب العاصين ، ولن يحسن إيصال الثواب والعقاب إلا بعد نصب الدلائل وإرسال الرسل فلأجل ذلك قال { كتب على نفسه الرحمة } أي بنصب الأدلة وإزاحة العلة إيجاب الفضل والكرم . وقيل : هذه الرحمة هي أنه يمهلهم مدّة عمرهم ولا يعاجلهم بالاستئصال ، أو فرض على نفسه الرحمة لمن ترك التكذيب بالرسل وتاب وأناب وصدّقهم وقبل شريعتهم ، أو تلك الرحمة هي أنه يجمعهم إلى يوم القيامة فإنه لولا هذا التهديد لحصل الهرج والمرج وارتفع الضبط وكثر الخبط كأنه قيل : لما علمتم أن كل ما في السموات والأرض لله تعالى ، وأنه مالك الكل فاعلموا أن الله الملك الحكيم لا يهمل أمور عبيده ، ولا يجوز في حكمته التسوية بين المطيع والعاصي والعامل والساهي . ومعنى { ليجمعنكم } ليضمنكم . وقيل : فيه حذف أي ليجمعنكم إلى المحشر في يوم القيامة فإن الجمع يكون إلى المكان لا إلى الزمان . وقيل : ليجمعنكم في الدنيا بخلقكم قرناً بعد قرن إلى يوم القيامة . قال الأخفش : { الذين خسروا } بدل من ضمير المخاطبين في { ليجمعنكم } . وقال الزجاج : إنه مبتدأ خبره { فهم لا يؤمنون } وذلك لتضمنه معنى الشرط فكأنه قيل : ما للمشركين مع وضوح الدلائل الباهرة لا يؤمنون ؟ فأجيب { الذين خسروا أنفسهم } أي في علم الله وسابق قضائه فهم لا يؤمنون في طرف الأبد ، فكان امتناعهم الآن عن الإيمان مسبباً عن سبق القضاء عليهم بالخسران والخذلان . وقال في الكشاف { الذين خسروا } نصب أو رفع على الذم بمعنى أريد الذين ، أو أنتم الذين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.