مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَقَلۡبِهِۦ وَأَنَّهُۥٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ} (24)

{ يأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ استجيبوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ } وحد الضمير أيضاً كما وحده فيما قبله ، لأن استجابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كاستجابته ، والمراد بالاستجابة الطاعة والامتثال وبالدعوة البعث والتحريض { لِمَا يُحْيِيكُمْ } من علوم الديانات والشرائع لأن العلم حياة كما أن الجهل موت قال الشاعر

لا تعجبنّ الجهول حلته . . . فذاك ميت وثوبه كفن

أو لمجاهدة الكفار لأنهم لو رفضوها لغلبوهم وقتلوهم ، أو للشهادة لقوله تعالى { بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبّهِمْ } [ آل عمران : 169 ] { واعلموا أَنَّ الله يحُولُ بَيْنَ المرء وَقَلْبِهِ } أي يميته فتفوته الفرصة التي هو واجدها وهي التمكن من إخلاص القلب ، فاغتنموا هذه الفرصة وأخلصوا قلوبكم لطاعة الله ورسوله ، أو بينه وبين ما تمناه بقلبه من طول الحياة فيفسخ عزائمه { وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } واعلموا أنكم إليه تحشرون فيثيبكم على حسب سلامة القلوب وإخلاص الطاعة