بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَقَلۡبِهِۦ وَأَنَّهُۥٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ} (24)

قوله تعالى : { مُّعْرِضُونَ يا أَيُّهَا الذين ءامَنُواْ استجيبوا لِلَّهِ } ، يعني أجيبوا الله بالطاعة في أمر القتال . { وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ } إلى القتال أو غيره . وإنّما قال : { إذا دعاكم } ، ولم يقل : إذا دعواكم ، لأن الدعوة واحدة ومن يجب الرسول فقد أجاب الله تعالى . قوله تعالى : { لِمَا يُحْيِيكُمْ } ، يعني القرآن الذي به حياة القلوب ، ويقال { لِمَا يُحْيِيكُمْ } ، يعني يهديكم في أمر الحرب الذي يعزّكم ويصلحكم ويقويكم بعد الضعف ، ويقال : { لِمَا يُحْيِيكُمْ } ، أي يهديكم . ويقال : { لِمَا يُحْيِيكُمْ } ، يعني لما يكون سبباً للحياة الدائمة في نعيم الآخرة .

{ واعلموا أَنَّ الله يَحُولُ بَيْنَ المرء وَقَلْبِهِ } . قال الفقيه : حدثنا محمد بن الفضل قال : حدثنا فارس بن مردويه ، عن محمد بن الفضل ، عن أبي صالح مطيع ، عن حماد بن سلمة ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس قال : يحول بين المؤمن ومعاصيه التي تسوقه وتجره إلى النار ، ويحول بين الكافر وطاعته التي تجره إلى الجنة ؛ ويقال : تحول بين المرء وإرادته ، لأن الأمر لا يكون بإرادة العبد وإنما يكون بإرادة الله تعالى ، كما قال أبو الدرداء :

يُرِيدُ المَرْءُ أَنْ يُعْطَى مُنَاه . . . وَيَأْبَى الله إلاَّ مَا أَرَادَا

ويقال : يحال { بين المرء وقلبه } ، لأن الأجل حال دون الأمل . وقال سعيد بن جبير : يحول بين الكافر والإيمان وبين المؤمن والكفر . وقال مجاهد : { يحول بين المرء وقلبه } يعني حتى يتركه ولا يفعله . ثم قال : { وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } ، يعني في الآخرة فتثابون بأعمالكم .