محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ ءَأَنذَرۡتَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تُنذِرۡهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (6)

{ إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 } .

لما بين تعالى نعوت المؤمنين قبل ، شرح أحوال مقابليهم وهم الكفرة المردة بأنهم : تناهوا في الغواية والضلال إلى حيث لا يجديهم الإنذار والتذكير ، كما قال تعالى : { إن الذين حقّت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون * ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب } {[465]} . وكقوله سبحانه وتعالى في المعاندين الكتابيين { ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك } {[466]} الآية .

و { سواء } اسم بمعنى : الاستواء ، وصف به ، كما يوصف بالمصادر ، مبالغة ، ومنه / قوله تعالى : { تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم } وبمعنى : مستوية .

و ( الإنذار ) الإعلام مع تخويف . والمراد هنا : التخويف من عذابه تعالى ، وانتقامه ، والاقتصار عليه لما أنهم ليسوا أهلا للبشارة ، ولأن الإنذار أوقع في القلوب ؛ ومن لم يتأثر به فلأن لا يرفع للبشارة رأسا أولى .

وقوله : { لا يؤمنون } جملة مستقلة ، مؤكدة لما قبلها ، مبينة لما فيه من إجمال ما فيه الاستواء .


[465]:[10/ يونس/ 96، 97].
[466]:[2/ البقرة/ 145] ونصها: {ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهوائهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين145}.