محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{ثُمَّ خَلَقۡنَا ٱلنُّطۡفَةَ عَلَقَةٗ فَخَلَقۡنَا ٱلۡعَلَقَةَ مُضۡغَةٗ فَخَلَقۡنَا ٱلۡمُضۡغَةَ عِظَٰمٗا فَكَسَوۡنَا ٱلۡعِظَٰمَ لَحۡمٗا ثُمَّ أَنشَأۡنَٰهُ خَلۡقًا ءَاخَرَۚ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحۡسَنُ ٱلۡخَٰلِقِينَ} (14)

{ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً } أي بالاستحالة من بياض إلى حمرة كالدم الجامد { فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً } أي قطعة لحم بقدر ما يمضغ { فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً } أي بأن صلبناها وجعلناها عمودا للبدن ، على هيئات وأوضاع مخصوصة ، تقتضيها الحكمة { فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً } أي جعلناه محيطا بها ساترا لها كاللباس { ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ } أي بتمييز أعضائه وتصويره ، وجعله في أحسن تقويم { فَتَبَارَكَ اللَّهُ } أي تعاظم قدرة وحكمة وتصرفا { أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ } أي المقدّرين ف ( الخلق ) بمعنى التقدير كقوله [ قائلة زهير بن أبي سلمى من قصيدته التي مطلعها :

لمن الدّيار بقُنَّةِ الحِجْرِ **** أَقْوَيْنَ من حِجَجِ ومِن دَهْرِ ] :

ولأنت تَفْرِي ما خلقتَ وبع *** ض القوم يخلقُ ثم لا يَفْرِي

لا بمعنى الإيجاد . إذ لا خالق غيره ، إلا أن يكون على الفرض .