{ ثُمَّ خَلَقْنَا النطفة عَلَقَةً } ، أي حولنا الماء دماً ، { فَخَلَقْنَا العلقة مُضْغَةً } ، أي حولنا الدم مضغة ، { فَخَلَقْنَا المضغة عظاما } ؛ أي خلقنا في المضغة عظاماً ؛ { فَكَسَوْنَا العظام لَحْماً ثُمَّ أنشأناه خَلْقاً ءاخَرَ } . قال عكرمة وأبو العالية والشعبي : معناه نفخ فيه الروح .
وروى الأخفش ، عن زيد بن وهب ، عن عبد الله بن مسعود أنه قَالَ : «إِنَّ خَلْقَ أَحَدكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْل ذَلِكَ ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَبْعَثُ الله عز وجل مَلَكاً ، فَيُأْمَرُ بأنْ يَكْتُبَ أَجَلَهُ وَعَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ، فَهِيَ أَرْبَعُ كَلِمَاتٍ . ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ » .
وروي ، عن عطاء ، عن ابن عباس في قوله : { ثُمَّ أنشأنا خلقا آخر } قال : نفخ فيه الروح ، وروى ابن نجيح ، عن مجاهد : { ثُمَّ أنشأنا خلقا آخر } قال : حين استوى شاباً ؛ وروى معمر ، عن قتادة : { ثُمَّ أنشأنا خلقا آخر } ، قال : هو نبات الشعر والأسنان ، وقال بعضهم : هو نفخ الروح ؛ ويقال : ذكراً أو أنثى ؛ ويقال : معناه { ثُمَّ أنشأنا خلقا آخر } ، يعني : الجلد . وروي عن عطاء ، عن ابن عباس أنه قال : ينفخ فيه الروح ، وروي عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقرأ : «ثم أنشأته خلقاً آخر » .
{ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين } ، يعني : أحكم المصورين ؛ وروى أبو صالح عن عبد الله بن عباس قال : كان عبد الله بن أبي سرح يكتب هذه الآيات للنبي صلى الله عليه وسلم ، فلما انتهى إلى قوله : { ثُمَّ أنشأناه خلقا آخر } ، عجب من تفضل الإنسان أي من تفضل خلق الإنسان فقال : { فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين } ؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اكْتُبْ هاكذا أُنْزِلَتْ " فشك عند ذلك ، وقال : لئن كان محمد صادقاً فيما يقول إنه يوحى إليه ، فقد أوحي إلي كما أوحي إليه ؛ ولئن قال من ذات نفسه ، فلقد قلت مثل ما قال .
وقال مقاتل والزجاج : كان عمر رضي الله عنه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذْ أُنْزِلَتْ عليه هذه الآية ، فقال عمر : { فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين } ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : { هاكذا أُنْزِلَتْ عَلَيَّ } فكأنه أجرى على لسانه هذه الآية قبل قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ وقد قيل إن الحكاية الأولى غير صحيحة ، لأن ارتداد عبد الله بن أبي سرح كان بالمدينة ، وهذه الآية مكية . قرأ ابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر { فَخَلَقْنَا المضغة عظاما فَكَسَوْنَا العظام لَحْماً } ، وقرأ الباقون { عظاما } بالألف ، ومعناهما واحد ، لأن الواحد يغني عن الجنس .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.