الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{ثُمَّ خَلَقۡنَا ٱلنُّطۡفَةَ عَلَقَةٗ فَخَلَقۡنَا ٱلۡعَلَقَةَ مُضۡغَةٗ فَخَلَقۡنَا ٱلۡمُضۡغَةَ عِظَٰمٗا فَكَسَوۡنَا ٱلۡعِظَٰمَ لَحۡمٗا ثُمَّ أَنشَأۡنَٰهُ خَلۡقًا ءَاخَرَۚ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحۡسَنُ ٱلۡخَٰلِقِينَ} (14)

والعَلَقَةُ : الدَّمُ الغليظ ، والمُضْغَةُ : بضعة اللحم قدرَ ما يُمْضَغُ ، واختلف النَّاسُ في الخلق الآخر ، فقال ابنُ عباس وغيره : هو نفخ الرُّوح فيه .

وقال ابن عباس أيضاً : هو خروجه إلى الدنيا .

وقال أيضاً : تَصَرُّفُهُ في أمور الدنيا ، وقيل : هو نباتُ شعره .

قال ( ع ) : وهذا التخصيص كُلُّهُ لا وجهَ له ، وإنما هو عامٌّ في هذا وغيرِه : من وجوه النطق ، والإدراك ، وحُسْنِ المحاولة . و{ تَبَارَكَ } مطاوع بارك ، فكأنها بمنزلة تعالى وَتَقَدَّسَ من معنى البركة .

وقوله : { أَحْسَنُ الخالقين } [ المؤمنون : 14 ] .

معناه : الصانعين : يقال لمن صنع شيئاً : خَلَقَهُ ، وذهب بعضُ الناس إلى نفي هذه اللفظة عن الناس ، فقال ابن جريج : إنَّما قال : { الخالقين } لأَنَّهُ تعالى أَذِنَ لعيسى في أَنْ يخلق ، واضطرب بعضُهم في ذلك .

قال ( ع ) : ولا تُنْفَى اللفظةُ عن البشر في معنى الصنع ؛ وإنما هي منفيَّةٌ بمعنى الاختراع والإيجاد من العدم .