ثم قال : { ثم خلقنا النطفة علقة }[ 14 ] .
أي : قطعة من دم { فخلقنا العلقة مضغة } ، وهي القطعة{[47321]} من اللحم ، وسميت مضغة لأنها قدر ما تمضغ{[47322]} { فخلقنا المضغة عظاما }[ 14 ] .
أي : كل عضو عظم ، { فكسونا العظام لحما } أي : ألبسنا كل عظم لحما .
ثم قال : { ثم أنشأناه خلقا آخر }[ 14 ] .
أي : أنشأنا الإنسان خلقا آخر .
وقيل : المعنى ، ثم أنشأنا/ هذا الخلق المتقدم ذكره وانتقاله خلقا آخر ، وهو نفخه الروح فيه ، فيصير إنسانا ، وكان قبل ذلك صورة ، هذا قول : ابن عباس وأبي العالية{[47323]} والشعبي وابن زيد{[47324]} .
وقال{[47325]} ابن عباس{[47326]} : هو انتقاله في الأحوال بعد الولادة من الطفولة إلى الصبا إلى الكهولة ، ونبات الشعر وخروج السن وغير ذلك من الأحوال .
وقال قتادة{[47327]} قيل : هو نبات الشعر{[47328]} وقيل{[47329]} هو نفخ الروح .
وقال مجاهد{[47330]} : هو استواء شبابه .
وقال ابن مسعود : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق قال : " إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل{[47331]} إليه ملك فينفخ فيه الروح{[47332]} " .
وروي : أن النطفة تقيم في الرحم أربعين يوما نطفة ، ثم تصير علقة فتقيم أربعين يوما ، ثم تصير مضغة فتقيم أربعين يوما ، ثم تصير عظاما مكسوا لحما ، وذلك في تمام أربعة أشهر ، ثم في العشر الأول من الشهر{[47333]} الخامس يصور وينفخ فيه الروح ويتحرك ، ولذلك جعل الله عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا ، لأنها تعلم في ذلك هل في جوفها{[47334]} حمل أو لا ، إذ مدة تحرك المولود في البطن أربعة أشهر وعشر ، فإذا تحرك ، انتقلت عدتها إلى أن تضع حملها .
ثم قال : { فتبارك الله أحسن الخالقين } أي : أحسن الصانعين قاله مجاهد{[47335]} .
ويروى : أن هذا مما تكلم به عمر قبل أن ينزل ، فنزل على ما قاله عمر{[47336]}
وقال ابن جريج{[47337]} : كان عيسى يخلق بأمر الله تعالى فلذلك قال : { أحسن الخالقين } .
وقال مجاهد{[47338]} : يصنعون ويصنع الله ، والله خير الصانعين ، وهذا اختيار الطبري{[47339]} . لأن العرب تسمي كل صانع خالقا . قال الشاعر ، وهو زهير{[47340]} :
ولأنت تفري ما خلقت وبع *** ض القوم يخلق ثم لا يفري .
وقيل : معناه ، أحسن المقدرين . فالناس يقدرون . ولا يتم ما يريدون{[47341]} لعجزهم والله يتمم ما يقدر ، فهو خير المقدرين .
وقيل لمعنى ، أن المشركين صنعوا تماثيل ولا ينفخون فيها الروح فخلق الله آدم ونفخ فيه الروح ، فهو أحسن الصانعين ، إذ لا يطيق أحد نفخ الروح غيره .
ورويَ : {[47342]} أن عمر بن الخطاب لما سمع الآيات إلى قوله : { ثم أنشأناه خلقا آخر } قال : { فتبارك الله أحسن الخالقين } فنزلت { فتبارك الله أحسن الخالقين } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.