محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡأَحۡبَارِ وَٱلرُّهۡبَانِ لَيَأۡكُلُونَ أَمۡوَٰلَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡبَٰطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۗ وَٱلَّذِينَ يَكۡنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلۡفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَبَشِّرۡهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٖ} (34)

ثم بين قوله تعالى حال الأحبار والرهبان في إغوائهم لأراذلهم ، إثر بيان سوء حال الأتباع في اتخاذهم لهم أربابا يطيعونهم في الأوامر والنواهي ، واتباعهم لهم فيما يأتون وما يذرون بقوله سبحانه :

34 { يأيها الذين ءامنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله . والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم } .

{ يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل } أي بالطريق المنكر من الرشا في الأحكام والتخفيف والمسامحة في الشرائع وغير ذلك . و( الأكل ) مجاز عن الأخذ بعلاقة العلية والمعلولية ، لأنه الغرض الأعظم منه ، وفيه من التقبيح لحالهم ، وتنفير السامعين عنه ما لا يخفى ، { ويصدون عن سبيل الله } أي عن دين الإسلام ، وحكمه واتباع الدلائل ، إلى ما يهوون أو عن المسلك المقرر في التوراة والإنجيل إلى ما افتروه وحرفوه .

ثم أشار إلى أن سبب ذلك هو إيثارهم حب المال وكنزه على أمر الله ، وتناسيهم وعيده في الكنز بقوله سبحانه { والذين يكنزون الذهب والفضة } أي يحفظونهما حفظ المدفون في الأرض ، { ولا ينفقونها في سبيل الله } أي الذي هو الزكاة { فبشرهم بعذاب أليم } .

/خ35