جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡأَحۡبَارِ وَٱلرُّهۡبَانِ لَيَأۡكُلُونَ أَمۡوَٰلَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡبَٰطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۗ وَٱلَّذِينَ يَكۡنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلۡفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَبَشِّرۡهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٖ} (34)

{ يا يأيها الذين آمنوا إن كثيرا{[1958]} من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل } ، يأخذ علماء أهل الكتاب الرشى ويبطلون دين الله وحكمه والمقصود التحذير من علماء السوء وعباد الضلال ، { ويصدون عن سبيل الله } ، يصرفون الناس عن إتباع الحق ، { والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها } ، الضمير للدنانير والدراهم الكثيرة الدالة عليها يكتنزون الذهب والفضة ، أو للكنوز أو الفضة ، لأنها أقرب وتدل على أن حكم الذهب بطريق الأولى ، { في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم } ، عن كثير من السلف كعمر وابنه وابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهم أن الكثير من المال لم يؤد منه الزكاة وما أدي زكاته فليس بكنز{[1959]} وقد صح عن علي رضي الله عنه قال : أربعة آلاف فما دونها نفقة فما أكثر ذلك فهو كنز ، ومثل هذا مذهب كثير من السلف ، والأخبار في مدح التقلل وذم التكثر{[1960]} أكثر من أن يخفى .


[1958]:ولعمري من تأمل في أحوال أهل الناموس والتزوير في زماننا وجد هذه الآيات كأنها ما أنزلت إلا في شأنهم وفي شرح أحوالهم فنرى الواحد منهم يدعي أنه لا يلتفت إلى الدنيا ولا يتعلق خاطره بجميع المخلوقات وأنه في الطاهرة والعصمة مثل الملائكة المقربين حتى إذا آل الأمر إلى الرغيف الواحد تراه يتهالك عليه ويتحمل نهاية الذل والدناءة في تحصيله/12 كبير.
[1959]:وقد صح ذلك مرفوعا.
[1960]:نقله الإمام أحمد عن علي – رضي الله عنه- أن رجلا من أهل الصفة مات وترك دينارين فقال عليه السلام كيتان/12 منه.