وقوله عز وجل : { يا أيها الذين آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأحبار والرهبان لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الناس بالباطل } [ التوبة : 34 ] المراد بهذه الآية : بيانُ نقائصِ المذكورين ، ونَهْيُ المؤمنين عن تلك النقائصِ مترتِّب ضِمْنَ ذلك ، واللام في { لَيَأْكُلُونَ } : لامُ التوكيدِ ، وصورةُ هذا الأكْلِ هي بأنهم يأخذونَ من أموال أتباعهم ضرائِبَ وفُرُوضاً باسم الكنائسِ والبِيَعِ وغَيْرِ ذلك ممَّا يوهمونهم أنَّ النفقة فيه مِنَ الشَّرْعَ والتَقرُّب إِلى اللَّهَ ، وهم خلاَلَ ذلك يحتجنون تلك الأموالَ ، كالذي ذكره سليمان في كتاب «السير » ، عن الراهِبِ الذي استخرج كَنْزَهُ .
وقوله سبحانه : { وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله } ، أي : عن شريعة الإِسلام والإيمان بنبيِّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم .
وقوله سبحانه : { والذين } ابتداءٌ ، وخبره { فَبَشِّرْهُم } والذي يظهر من ألفاظ الآية : أنه لما ذَكَر نَقْصَ الأحبار والرهبانِ الآكلين للمَالِ بالباطل ، ذَكَرَ بعد ذلك بقَوْلٍ عامٍّ نَقْصَ الكانزين المانعين حقَّ المال ، وقرأ طلحةُ بْنُ مُصَرِّف : «الَّذِينَ يَكْنِزُونَ » بغير واو ، ؛ وعلى هذه القراءة يجري قولُ معاوِيَةَ : أنَّ الآية في أهْل الكتَاب ، وخالفه أبو ذَرٍّ ، فقال : بل هِيَ فينا .
و{ يَكْنِزُونَ } معناه : يجمعون ويحفظون في الأَوعية ، وليس مِنْ شرط الكَنْز : الدفْنُ ، والتوعُّد في الكنز ، إِنما وقع عَلَى منع الحقوق منه ، وعلى هذا كثيرٌ من العلماء ، وقال عليٌّ رضي اللَّه عنه : أربعةُ آلاف دِرْهَمٍ فما دُونَهَا نفقةٌ ، وما زاد علَيْهَا فهو كَنْز ، وإِن أَدَّيْتُ زَكَاتَهُ .
وقال أبو ذَرٍّ وجماعةٌ معه : ما فَضَلَ مِنْ مالِ الرَّجُل على حاجةِ نَفْسِه ، فهو كَنْز ، وهذان القولان يقتضيان أنَّ الذمَّ في حبس المال ، لا في منع زكاته فقطْ .
( ت ) : وحدَّث أبو بَكْرِ بْنُ الخَطِيبِ بسنده ، عن عليِّ بن أبي طالب ، وابنِ عُمَرَ ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ للفُقَرَاءِ في أَمْوَالِ الأَغْنِيَاءِ قَدْرَ مَا يَسَعُهُمْ ، فَإِنْ مَنَعُوهُمْ حَتَّى يَجُوعُوا وَيَعْرَوا وَيَجْهَدُوا ، حَاسَبَهُمُ اللَّهُ حِسَاباً شَدِيداً ، وعَذَّبَهُمْ عَذَاباً نُكْراً ) انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.