تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَلَا تَنفَعُ ٱلشَّفَٰعَةُ عِندَهُۥٓ إِلَّا لِمَنۡ أَذِنَ لَهُۥۚ حَتَّىٰٓ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمۡ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمۡۖ قَالُواْ ٱلۡحَقَّۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ} (23)

فزع عن قلوبهم : ذهب الخوف من قلوبهم .

ولا تنفع الشفاعة عند الله إلا لمن يأذَن له أن يشفع عنده ، فالشفاعة مرهونةٌ بإذن الله ، والله لا يأذن في الشفاعة في غير المؤمنين ، أما الذين جحدوا وأشركوا بالله فليسوا أهلاً لان يأذن بالشفاعة فيهم .

ثم بعد ذلك بيَّن المشهد الذي تقع فيه الشهادة ، فقال : { حتى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ الحق وَهُوَ العلي الكبير } : وهذا يوم القيامة ، إذ يقف الناس وينتظر الشفعاء والمشفوع فيهم أن يأذن الله بالشفاعة لمن ينالون هذا المقام ، حتى إذا ذهب الفزع عن قلوبهم قال بعضهم لبعض : ماذا قال ربكم في الشفاعة ؟ قالوا : قال الحق ، وهو الإذن بالشفاعة لمن ارتضى ، وهم المؤمنون .

{ وَهُوَ العلي الكبير } : صاحب العلو والكبرياء ، يأذن ويمنع من يشاء كما يشاء .

قراءات :

قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي : { لمن أُذن له } بضم الهمزة ، والباقون : { أَذن } بفتح الهمزة . وقرأ ابن عامر ويعقوب : { إذا فَزَع } بفتح الفاء والزاي ، والباقون : { إذا فُزع } بضم الفاء وكسر الزاي .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَلَا تَنفَعُ ٱلشَّفَٰعَةُ عِندَهُۥٓ إِلَّا لِمَنۡ أَذِنَ لَهُۥۚ حَتَّىٰٓ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمۡ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمۡۖ قَالُواْ ٱلۡحَقَّۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ} (23)

قوله : { وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } هذا تكذيب لقول المشركين عن معبوداتهم من الملائكة والأصنام : هؤلاء شفعاؤنا عند الله ؛ فإن شفاعة هؤلاء لا تنفع المشركين الذين عبدوهم ؛ بل إنهم ليست لهم شفاعة البتة . فالنفي منسحب على الشفاعة ؛ أي لا شفاعة لهم تنفع { إِلاّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } أي لا يجترئ أحد أن يشفع لأحد في شيء يوم القيامة إلا بعد إذنه له في الشفاعة أو إلا لشافع أذن اللهُ له أن يشفع .

قوله : { حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ } { فُزِّعَ } من التفزيع أي إزالة الفزع ، و { حَتَّى } للغاية . وذلك لما فُهم من أن انتظارا للإذن وتوقعا وفزعا من الراجحين للشفاعة والشفعاء ، هل يؤذن لهم بالشفاعة أو لا يؤذن لهم بها . فهم في حالهم من طول التربص وشدة الفزع حتى إذا كُشف الفزعُ عن قلوبهم سأل بعضهم بعضا { مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ } أي قال القول الحق وهو الإذن بالشفاعة لمن ارتضى من عباده .

وقيل : المراد بذلك ملائكة السماوات والأرض ؛ إذ يسمعون التكلم من الله بالوحي ارتعدوا وأخذتهم رجفة من هول الهيبة وعظيم الجلال حتى يلحقهم مثل الغشي .

قوله : { وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ } الله ذو العلو والكبرياء وهو ذو الملكوت والجبروت وليس لأحد في هذا اليوم العصيب أن يتكلم أو يشفع لأحد إلا بإذنه سبحانه {[3809]} .


[3809]:تفسير النسفي ج 3 ص 324 وتفسير ابن كثير ج 3 ص 536