تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَقُصُّونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِي وَيُنذِرُونَكُمۡ لِقَآءَ يَوۡمِكُمۡ هَٰذَاۚ قَالُواْ شَهِدۡنَا عَلَىٰٓ أَنفُسِنَاۖ وَغَرَّتۡهُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا وَشَهِدُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ أَنَّهُمۡ كَانُواْ كَٰفِرِينَ} (130)

الخطاب هنا موجه إلى الجنّ والإنس معا ، فهل أرسل الله إلى الجن رسلا منهم كما أرسل إلى الإنس ؟ يقول جمهور العلماء : إن الرسل كلهم من الإنس كما يدل عليه ظاهر الآيات الأخرى . أما عالم الجن فهو غيبّي لا نعرف عنه إلا ما ورد به النص . وقد دل القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة على أن النبي علي الصلاة والسلام قد أُرسل إليهم أيضا في قوله تعالى :

{ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الجن يَسْتَمِعُونَ القرآن ، فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالوا : أَنصِتُواْ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْاْ إلى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ . . . الآيات } من سورة الأحقاف . فهذا يدل على أن الرسل من الإنس وحدهم ، وأن الجن كانوا يستمعون لهم وينذرون أقوامهم .

فالله تعالى يقول لهم يوم القيامة : يا أيها الإنس والجن ، لقد جاءتكم الرسل يذكُرون لكم الحجج والبينات ، ويتلون عليكم الآياتِ المبينَة لأصول الإيمان ، والمفصِّلة لأحكام الشرائع ، وينذرونكم لقاء الله في هذا اليوم العصيب ، فكيف تكذبون ؟

فأجابوا : قد أقررنا وشهِدنا على أنفسنا بما ارتكبنا . ولكنهم : { وَغَرَّتْهُمُ الحياة الدنيا } قد خدعتهم الحياة في الدنيا ومتاعها من الشهوات والأموال والأولاد ، وحبُّ التسلط على الناس . بذلك أقرّوا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا جاحدين كافرين بالآيات والنذر .