لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{۞أَلَمۡ يَأۡنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن تَخۡشَعَ قُلُوبُهُمۡ لِذِكۡرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلۡحَقِّ وَلَا يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلُ فَطَالَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَمَدُ فَقَسَتۡ قُلُوبُهُمۡۖ وَكَثِيرٞ مِّنۡهُمۡ فَٰسِقُونَ} (16)

قوله جلّ ذكره : { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِيِنَ آمَنُواْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذَِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلاَ يَكُونُواْ كَالَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهُم الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } .

ألم يَحِنْ للذين آمنوا أن تتواضعَ قلوبُهم وتلين لذِكْر اللَّهِ وللقرآنِ وما فيه من العِبَر ؟ وألا يكونوا كالذين أوتوا الكتابَ من قبل ؟ وأراد بهم اليهودَ ، وكثيرٌ من اليهود فاسقون كافرون .

وأراد بطول الأمَدِ الفترةَ التي كانت بين موسى ونبيِّنا صلى الله عليه وسلم ، وفي الخبر : " أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أَصابتهم ملالةٌ فقالوا : لو حَدّثْتنا " .

فأنزل اللَّهُ تعالى : { اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ } [ الزمر : 23 ] . فبعد مُدَّةٍ قالوا :

لو قَصَصْتَ علينا !

فأنزل اللَّهُ تعالى : { نَّحْن نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ } [ الكهف : 13 ] فبعد مدةٍ قالوا : لو ذَكَّرتَنا ووَعَظْتَنا !

فأنزل الله تعالى هذه السورة .

وفي هذه الآية ما يشبه الاستبطاء .

وإن قسوة القلب تحصل من اتباع الشهوة ، والشهوة والصفة لا تجتمعان ؛ فإذا حَصَلت الشهوةُ رَحَلت الصفوة . وموجِبُ القسوة هو انحرافُ القلب عن مراقبة الربِّ . ويقال : موجب القسوة أوَّلُه خَطْرة - فإلمَّ تُتَداركْ صارت فكرة ، وإلمّ تُتدَاركْ صارت عزيمة ، فإن لم تُتَدَاركْ جَرَت المخالفة ، فإن لم تُتداركْ بالتلافي صارت قسوةً وبعدئذ تصير طَبعاً ورَيْناً .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{۞أَلَمۡ يَأۡنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن تَخۡشَعَ قُلُوبُهُمۡ لِذِكۡرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلۡحَقِّ وَلَا يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلُ فَطَالَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَمَدُ فَقَسَتۡ قُلُوبُهُمۡۖ وَكَثِيرٞ مِّنۡهُمۡ فَٰسِقُونَ} (16)

ألم يأنِ : ألم يَحِنْ ، والفعلُ الماضي أنى يأْني أنياً وأناةً وأنىً : حانَ وقَرُب .

وما نزل من الحق : من القرآن .

فطالَ عليهم الأمد : طال عليهم الزمان وبعُد العهد بينهم وبين أنبيائهم .

قَسَت قلوبهم : اشتدّت فكفروا .

في هذه الآية عتابٌ لقومٍ من المؤمنين فترت همَّتُهم قليلاً عن القيام بما نُدِبوا إليه . روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : « لما قَدِم أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينةَ فأصابوا من لِين العَيش ما أصابوا بعْدَ أن كانوا في جَهدٍ ، فكأنهم فتروا عن بعض ما كانوا عليه فعوقبوا بهذا الآية . . . . »

ألم يَحِن الوقتُ للذين آمنوا أن ترقَّ قلوبُهم لذِكر الله والقرآن الكريم ، ولا يكونوا كاليهود والنصارى الذين أُوتوا الكتابَ من قبلهم ، فعملوا به مدةً ثم طال عليهم الزمنُ فجمدت قلوبهم وغيّروا وبدّلوا { وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } خارجون عن حدودِ دينهم .

قراءات :

قرأ نافع وحفص : وما نَزَل من الحق بفتح النون والزاي من غير تشديد . والباقون : وما نزّل بتشديد الزاي .