لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰٓ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَسَوَّىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖۚ وَهُوَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ} (29)

سخر لهم جميع المخلوقات على معنى حصول انتفاعهم بكل شيء منها ، فعلى الأرض يستقرون وتحت السماء يسكنون ، وبالنجم يهتدون ، وبكل مخلوق بوجه آخر ينتفعون ، لا بل ما من عين وأثر فكروا فيه إلا وكمال قدرته وظهور ربوبيته به يعرفون .

ويقال مَهَّدَ لهم سبيل العرفان ، ونبَّهَهُم إلى ما خصَّهم به من الإحسان ، ثم علمهم علوَّ الهمة حيث استخلص لنفسه أعمالهم وأحوالهم فقال :{ لاَ تَسْجُدُوا للشَّمْسِ وَلاَ لِلقَمَرِ }[ فصلت : 37 ] . قوله جلّ ذكره : { ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ } .

فالأكوان بقدرته استوت ، لا أن الحق سبحانه بذاته - على مخلوق - استوى ، وأَنَّى بذلك ! والأحدية والصمدية حقه وما توهموه من جواز التخصيص بمكان فمحال ما توهموه ، إذ المكان به استوى ، لا الحق سبحانه على مكانٍ بذاته استوى .