لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ مِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ إِلَّآ إِنَّهُمۡ لَيَأۡكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَيَمۡشُونَ فِي ٱلۡأَسۡوَاقِۗ وَجَعَلۡنَا بَعۡضَكُمۡ لِبَعۡضٖ فِتۡنَةً أَتَصۡبِرُونَۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرٗا} (20)

أخبر أن الذين تَقْدَّموه من الرسل كانوا بَشَراً ، ولم تكن الخصوصية لهم إلا ظهورَ المعجزات عليهم . وفي الجملة الفضائل بالمعاني لا بالصورة ، ثم قال :

{ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً } .

فَضَّلَ بعضاً على بعض ، وأمر المفضولَ بالصبر والرضاء ، والفاضلَ بالشكر على العطاء وخصَّ قوماً بالبلاء وجعلهم فتنة لأهل البلاء ، وخصَّ قوماً بالعوافي ، وآخرين بالأسقام والآلام ، فلا لِمَن نَعَّمَه مناقب ، ولا لِمَنْ امتحنه معايب . . . فبحُكمِه لا يِجُرْمهم ، وبفضله لا بفعلهم ، وبإرادته لا بعبادتهم ، وباختياره لا بأوضارهم ، وبأقذاره لا بأوزارهم ، وبه لا يهم .

قوله : { أَتَصْبِرُونَ ؟ } استفهام في معنى الأمر ، فَمَنْ ساعَدَه التوفيقُ صبر وشكر ومن قارنه الخذلان أبي وكفر .