الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ مِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ إِلَّآ إِنَّهُمۡ لَيَأۡكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَيَمۡشُونَ فِي ٱلۡأَسۡوَاقِۗ وَجَعَلۡنَا بَعۡضَكُمۡ لِبَعۡضٖ فِتۡنَةً أَتَصۡبِرُونَۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرٗا} (20)

وقوله تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ المرسلين } [ الفرقان : 20 ] .

رَدٌّ على قريش في قولهم : { مَالِ هذا الرسول يَأْكُلُ الطعام وَيَمْشِي فِي الأسواق } [ الفرقان : 7 ] .

ثم أخبر عز وجل أَنَّ السبب في ذلك أَنَّه جعل بعض عَبيدَهُ فتنةً لبعض على العموم في جميع الناس مؤمن وكافر ، والتوقيف ب{ تَصْبِرُونَ } خَاصٌّ بالمُؤمنين المحققين ، قال ابن العربي في «الأحكام » : ( ولما كثر الباطل في الأسواق ، وظهرت فيه المناكر كَرِهَ علماؤُنا دخولَها لأرباب الفضل والمُقْتَدَى يهم في الدِّينِ تنزيهاً لهم عن البقاع التي يُعْصَى اللّه تعالى فيها ) انتهى .

ثم أعرب قوله تعالى : { وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً } عن الوعد للصابرين والوعيد للعاصين وعن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه أنَّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ دَخَلَ السُّوقَ ، فَقَالَ : لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ ، لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، يُحْيِي وَيُمِيتُ ، وَهُوَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ ، بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ كَتَبَ اللّهُ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ ، وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ ، وَرَفَعَ لَهُ أَلْفَ أَلْفَ دَرَجَةٍ ) رواه الترمذيُّ وابن ماجه ، وهذا لفظ الترمذي ، وزاد في رواية أخرى : «وَبَنَى لَهُ بَيْتاً فِي الجَنَّةِ » ورواه الحاكم في «المستدرك » من عدة طرق ، انتهى من «السلاح » .