في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞فَمَا لَكُمۡ فِي ٱلۡمُنَٰفِقِينَ فِئَتَيۡنِ وَٱللَّهُ أَرۡكَسَهُم بِمَا كَسَبُوٓاْۚ أَتُرِيدُونَ أَن تَهۡدُواْ مَنۡ أَضَلَّ ٱللَّهُۖ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ سَبِيلٗا} (88)

88

ما لكم فئتين في شأن المنافقين. والله أوقعهم فيما هم فيه بسبب سوء نيتهم وسوء عملهم ؟ وهي شهادة من الله حاسمة في أمرهم . بأنهم واقعون في السوء بما أضمروا وبما عملوا من سوء .

ثم استنكار آخر :

( أتريدون أن تهدوا من أضل الله ؟ ) ..

ولعله كان في قول الفريق .. المتسامح !!.. ما يشير إلى إعطائهم فرصة ليهتدوا ، ويتركوا اللجلجة ! فاستنكر الله هذا في شأن قوم استحقوا أن يوقعهم الله في شر أعمالهم وسوء مكاسبهم .

ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلًا ..

فإنما يضل الله الضالين . أي يمد لهم في الضلالة حين يتجهون هم بجهدهم ونيتهم إلى الضلالة . وعندئذ تغلق في وجوههم سبل الهداية بما بعدوا عنها، وسلكوا غير طريقها ونبذوا العون والهدى ، وتنكروا لمعالم الطريق !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞فَمَا لَكُمۡ فِي ٱلۡمُنَٰفِقِينَ فِئَتَيۡنِ وَٱللَّهُ أَرۡكَسَهُم بِمَا كَسَبُوٓاْۚ أَتُرِيدُونَ أَن تَهۡدُواْ مَنۡ أَضَلَّ ٱللَّهُۖ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ سَبِيلٗا} (88)

{ فما لكم في المنافقين } فما لكم تفرقتم في أمر المنافقين . { فئتين } أي فرقتين ولم تتفقوا على كفرهم ، وذلك أن ناسا منهم استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى البدو لاجتواء المدينة ، فلما خرجوا لم يزالوا رحلين مرحلة مرحلة حتى لحقوا بالمشركين ، فاختلف المسلمون في إسلامهم . وقيل نزلت في المتخلفين يوم أحد ، أو في قوم هاجروا ثم رجعوا معتلين باجتواء المدينة والاشتياق إلى الوطن ، أو قوم أظهروا الإسلام وقعدوا عن الهجرة و{ فئتين } حال عاملها لكم كقولك : ما لك قائما . و{ في المنافقين } حال من { فئتين } . أي متفرقتين فيهم ، أو من الضمير أي فما لكم تفترقون فيهم ، ومعنى الافتراق مستفاد من { فئتين } . والله أركسهم بما كسبوا } ردهم إلى حكم الكفرة ، أو نكسهم بأن صيرهم للنار . وأصل الركس رد الشيء مقلوبا . { أتريدون أن تهدوا من أضل الله } أن تجعلوه من المهتدين . { ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا } إلى الهدى .