قوله : ( فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ ) الآية [ 88 ] .
هذه( {[13085]} ) الآية نزلت في الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ، رجعوا( {[13086]} ) إلى المدينة ، وقالوا لأصحاب النبي عليه السلام : ( لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ )( {[13087]} ) فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم فرقتين فرقة تقول : نقتلهم ، وفرقة تقول : لا ، فنزلت : ( فَمَالَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ ) أي : فرقتين( {[13088]} ) ( وَاللَّهُ أَرْكَسَهُم )( {[13089]} ) أي : ردهم إلى أحكام أهل الشرك في إباحة دمائهم ، وذلك بما كسبوا من خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال مجاهد وغيره : نزلت في قوم أتوا مكة : زعموا أنهم مهاجرون( {[13090]} ) ، ارتدوا بعد ذلك ، فاستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم( {[13091]} ) أن يخرجوا إلى مكة ليأتوا ببضائع لهم ، فاختلف فيهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ففرقة تقول : إنهم منافقون ، وفرقة تقول : هم مؤمنون ، فأنزل الله الآية( {[13092]} ) .
وقيل( {[13093]} ) : نزلت في قوم قدموا المدينة مسلمين فأقاموا ما شاء الله ، ثم استوخموا( {[13094]} ) المدينة ، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا إلى البادية( {[13095]} ) ، فأذن لهم ، فتكلم الناس فيهم ، واختلفوا في نفاقهم وإيمانهم فأعلمهم الله بنفاقهم وأعلمهم أنه أركسهم بما كسبوا من المعاصي : أركسهم في النفاق بذنوبهم .
وقيل : ( أَرْكَسَهُم ) معناه أضلهم( {[13096]} ) .
ثم قال مخبراً عنهم ( وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا ) فدل على أنهم ارتدوا ، وأن النفاق كفر ، وقوله تعالى ( فَلاَ تَتَّخِذُوا مِنْهُمُ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) يدل على أنهم قوم كانوا بمكة يَدَّعون الإيمان ، وليسوا بمؤمنين وهو قول ابن عباس وعمر وغيرهما( {[13097]} ) .
وقيل : إنهم لما خرجوا يريدون البادية مضوا إلى مكة فاختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في أمرهم ، فأوضح الله عز وجل خبرهم ، وحكمهم في هذه الآية .
وقال معمر( {[13098]} ) : كتب ناس من أهل مكة إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون لهم : إنهم قد أسلموا( {[13099]} ) ، وكان ذلك منهم كذباً ، فلقيهم المسلمون بعد ذلك ، فاختلفوا فيهم ، فقالت طائفة : دماؤهم حلال ، وقالت طائفة : دماؤهم حرام فأنزل الله الآية ، وهم ناس لم يهاجروا وأقاموا( {[13100]} ) بمكة ، وأعلنوا الإيمان فاختلف فيهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم( {[13101]} ) .
وقال ابن عباد : هم قوم كانوا بمكة فكلموا بالإسلام وكانوا يعاونون المشركين على المسلمين فخرجوا من مكة في حاجة ، فاختلف فيهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية( {[13102]} ) . وقال ابن زيد : هذا نزل في شأن ابن أبي حين تكلم في عائشة بما تكلم به( {[13103]} ) .
وأركسهم : ردهم ، وقيل : أوقعهم وقيل : أضلهم وأهلكهم( {[13104]} ) .
وقال القتبي : أركسهم نكسهم وردهم في كفرهم( {[13105]} ) ، وحكى الفراء أركسهم وركسهم بمعنى ردهم إلى الكفر( {[13106]} ) .
قوله : ( أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا مَنَ اَضَلَّ اللَّهُ ) الآية [ 88 ] .
هذا تبعيد لهدي من أضل الله ( وَمَنْ يُّضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً ) أي : طريقاً مستقيماً ، وقيل : سبيلاً إلى الحجة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.