تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{۞فَمَا لَكُمۡ فِي ٱلۡمُنَٰفِقِينَ فِئَتَيۡنِ وَٱللَّهُ أَرۡكَسَهُم بِمَا كَسَبُوٓاْۚ أَتُرِيدُونَ أَن تَهۡدُواْ مَنۡ أَضَلَّ ٱللَّهُۖ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ سَبِيلٗا} (88)

{ فما لكم } صرتم { في المنافقين } نزلت في تسعة نفر ، منهم : مخرمة بن زيد القرشي ، هاجروا من مكة إلى المدينة ، فقدموا وأرادوا الرجعة ، فقال بعضهم : نخرج كهيئة البداة ، فإذا غفل عنا مضينا إلى مكة ، فجعلوا يتحولون منقلة منقلة ، حتى تباعدوا من المدينة ، ثم إنهم أدلجوا حتى أصبحوا قد قطعوا أرضا بعيدة ، فلحقوا بمكة ، فكتبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم : إنا على ما فرقناك عليه ، ولكنا اشتقنا إلى بلادنا وإخوتنا بمكة ، ثم إنهم خرجوا تجارا إلى الشام ، واستبضعهم أهل مكة بضائعهم ، فقالوا لهم : أنتم على دين محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فلا بأس عليكم ، فساروا وبلغ المسلمين أمرهم ، فقال بعضهم لبعض : أخرجوا إلى هؤلاء فنقاتلهم ، ونأخذ ما معهم ، فإنهم تركوا دار الهجرة وظاهروا عدونا .

وقال آخرون : ما حلت دماؤهم ولا أموالهم ولكنهم فتنوا ، ولعلهم يرجعوا للتوبة ، والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت ، فأنزل الله عز وجل يخبر عن التسعة رهط ويعظ المؤمنين ليكون أمرهم جميعا عليهم ، فقال الله عز وجل : { فما لكم } صرتم { في المنافقين } { فئتين } تختصمون ، { والله أركسهم } ، يعني أضلهم فردهم إلى الكفر ، { بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله } عن الهدى ، { فلن تجد له سبيلا } .