/ ( فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا88 ) .
( فما لكم في المنافقين ) أي : فما لكم تفرقتم في أمر المنافقين ( فئتين ) أي : فرقتين ولم تتفقوا على التبرؤ منهم . والاستفهام للإنكار . والنفي والخطاب لجميع المؤمنين . لكن ما فيه من معنى التوبيخ متوجه إلى بعضهم . وذلك أن فرقة من المؤمنين كانت تميل إليهم وتذب عنهم وتواليهم . وفرقة منهم تباينهم وتعاديهم . فنهوا عن ذلك وأمروا بأن يكونوا على نهج واحد في التباين والتبرؤ منهم . لأن دلائل نفاقهم وكفرهم ظاهرة جلية . فليس لكم أن تختلفوا في شأنهم . وقد قيل : ان المراد بهم هنا عبد الله بن أبي وأصحابه الذين خذلوا رسول اله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ، ورجعوا بعسكرهم ، بعد أن خرجوا . كما تقدم في آل عمران . كما أوضحه ما رواه الشيخان{[2062]} والإمام أحمد والترمذي عن زيد بن ثابت : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى أحد . فرجع ناس خرجوا معه . فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم فرقتين : فرقة تقول : نقتلهم . وفرقة تقول : لا . هم المؤمنون . فأنزل الله : ( فما لكم في المنافقين فئتين ) . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنها طيبة وإنها تنفي الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد " . هذا لفظ أحمد .
وقد ذكر الإمام محمد بن إسحاق{[2063]} وفي وقعة أحد : " أن عبد الله بن أبي بن سلول رجع يومئذ بثلث الجيش : رجع بثلاثمائة وبقي النبي صلى الله عليه وسلم في سبعمائة " .
وثمة في نزول الآية رواية أخرى أخرجها الإمام أحمد{[2064]} في ( مسنده ) عن عبد الرحمان بن عوف : " أن قوما من العرب أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فأسلموا وأصابهم وباء المدينة وحماها . فأركسوا . فخرجوا من المدينة . فاستقبلهم نفر من أصحابه . يعني النبي صلى الله عليه وسلم . فقالوا لهم : ما لكم رجعتم : قالوا : أصابنا وباء المدينة . فقالوا : أما لكم في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة ؟ فقال بعضهم : نافقوا . وقال بعضهم : لم ينافقوا . فأنزل الله : ( فما لكم في المنافقين فئتين ) . . . الآية " . وهذه الرواية هي الأقرب لنظم الآية كما سنبينه في التنبيه الثاني ( والله أركسهم ) أي نكسهم وردهم إلى الكفر ( بما كسبوا ) أي : بسبب ما كسبوه من لحوقهم بالكفار ( أتريدون أن تهدوا من أضل الله ) أي : تعدوهم من جملة المهتدين . قال أبو السعود : تجريد للخطاب وتخصيص له بالقائلين بإيمانهم من الفئتين ، وتوبيخ لهم على زعمهم ذلك ، وإشعار بأنه يؤدي إلى محاولة المحال الذي هو هداية من أضله الله تعالى . وذلك لأن الحكم بإيمانهم وادعاء اهتدائهم ، وهم بمعزل عن ذلك ، سعي في هدايتهم وإرادة لها . ووضع الموصول موضع ضمير المنافقين لتشديد الإنكار وتأكيد استحالة الهداية بما ذكر في حيز الصلة ، وتوجيه الإنكار إلى الإرادة لا إلى متعلقها . بأن يقال : أتهدون الخ للمبالغة في إنكاره ببيان أنه مما لا يمكن إرادته ، فضلا عن إمكان نفسه ( ومن يضلل الله ) عن دينه ( فلن تجد له سبيلا ) أي : طريقا إلى الهدى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.