في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ وَٱلۡأَرۡضُ جَمِيعٗا قَبۡضَتُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطۡوِيَّـٰتُۢ بِيَمِينِهِۦۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (67)

62

( وما قدروا الله حق قدره ) . .

نعم . ما قدروا الله حق قدره ، وهم يشركون به بعض خلقه . وهم لا يعبدونه حق عبادته . وهم لا يدركون وحدانيته وعظمته . وهم لا يستشعرون جلاله وقوته .

ثم يكشف لهم عن جانب من عظمة الله وقوته . على طريقة التصوير القرآنية ، التي تقرب للبشر الحقائق الكلية في صورة جزئية ، يتصورها إدراكهم المحدود :

( والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة . والسماوات مطويات بيمينه . سبحانه وتعالى عما يشركون ) . .

وكل ما يرد في القرآن وفي الحديث من هذه الصور والمشاهد إنما هو تقريب للحقائق التي لا يملك البشر إدراكها بغير أن توضع لهم في تعبير يدركونه ، وفي صورة يتصورونها . ومنه هذا التصوير لجانب من حقيقة القدرة المطلقة ، التي لا تتقيد بشكل ، ولا تتحيز في حيز ، ولا تتحدد بحدود .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ وَٱلۡأَرۡضُ جَمِيعٗا قَبۡضَتُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطۡوِيَّـٰتُۢ بِيَمِينِهِۦۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (67)

ما قدروا الله حق قدره : ما عظّموه كما يليق به .

والأرض جميعا قَبضتُه : في ملكه وتحت أمره .

بيمينه : بقدرته .

ثم بين الله تعالى جهل أولئك الجاحدين بقوله : { وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ } :

إذ أشركوا معه غيره ودعوا الرسول إلى الشرك به ، واللهُ سبحانه هو مالك هذا الكون ، وتكون السموات مطوية بيمينه يوم القيامة { سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ } .

والغرض من هذا الكلام تصوير عظمة الله وجلاله ، وكل ما يرد في القرآن الكريم من هذه الصورة والمشاهد إنما هو من باب تقريب الحقائق إلى أفهام الناس الذين لا يدركونها بغير أن توضع لهم في تعبير يدركونه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ وَٱلۡأَرۡضُ جَمِيعٗا قَبۡضَتُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطۡوِيَّـٰتُۢ بِيَمِينِهِۦۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (67)

{ 67 } { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }

يقول تعالى : وما قدر هؤلاء المشركون ربهم حق قدره ، ولا عظموه حق تعظيمه ، بل فعلوا ما يناقض ذلك ، من إشراكهم به من هو ناقص في أوصافه وأفعاله ، فأوصافه ناقصة من كل وجه ، وأفعاله ليس عنده نفع ولا ضر ، ولا عطاء ولا منع ، ولا يملك من الأمر شيئا .

فسووا هذا المخلوق الناقص بالخالق الرب العظيم ، الذي من عظمته الباهرة ، وقدرته القاهرة ، أن جميع الأرض يوم القيامة قبضة للرحمن ، وأن السماوات - على سعتها وعظمها - مطويات بيمينه ، فلا عظمه حق عظمته من سوَّى به غيره ، ولا أظلم منه .

{ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي : تنزه وتعاظم عن شركهم به .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ وَٱلۡأَرۡضُ جَمِيعٗا قَبۡضَتُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطۡوِيَّـٰتُۢ بِيَمِينِهِۦۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (67)

قوله عز وجل{ وما قدروا الله حق قدره } ما عظموه حق عظمته حين أشركوا به غيره ، ثم أخبر من عظمته فقال : { والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون } أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا آدم ، حدثنا شيبان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود قال : " جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع ، والأرضين على إصبع ، والشجر على إصبع ، والماء والثرى على إصبع ، وسائر الخلق على إصبع ، فيقول : أنا الملك ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجده تصديقاً لقول الحبر " ثم قرأ : { وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة } ورواه مسلم بن الحجاج ، عن عبد الله بن يونس ، عن فضيل بن عياض ، عن منصور ، وقال : " والجبال والشجر على إصبع ، وقال : ثم يهزهن هزاً ، فيقول " أنا الملك أنا الله " . أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أنبأنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أخبرني الحسين بن فنجويه ، حدثنا عمر بن الخطاب ، حدثنا عبد الله بن الفضل ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا أبو أسامة ، عن عمر بن حمزة ، عن سالم بن عبد الله ، أنبأنا عبد الله بن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يطوي الله السماوات يوم القيامة ، ثم يأخذهن بيده اليمنى ، ثم يقول : أنا الملك : أين الجبارون أين المتكبرون ؟ ثم يطوي الأرضين ، ثم يأخذهن بشماله ، ثم يقول : أنا الملك : أين الجبارون أين المتكبرون ؟ " هذا حديث صحيح ، أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة ، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة الكشمهيني ، حدثنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث ، حدثنا محمد بن يعقوب الكسائي ، أنبأنا عبد الله بن محمود ، أنبأنا إبراهيم بن عبد الله الخلال ، حدثنا عبد الله بن مبارك ، عن يونس ، عن الزهري ، حدثني سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يقبض الله الأرض يوم القيامة ، ويطوي السماء بيمينه ، ثم يقول : أنا الملك : أين ملوك الأرض " .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ وَٱلۡأَرۡضُ جَمِيعٗا قَبۡضَتُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطۡوِيَّـٰتُۢ بِيَمِينِهِۦۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (67)

وقوله { والأرض جميعا قبضته يوم القيامة } أي ملكه من غير منازع كما يقال هو في قبضة فلان إذا ملك التصرف فيه وإن لم يقبض عليه بيده { والسماوات مطويات } كقوله { يوم نطوي السماء } { بيمينه } أي بقوته وقيل بقسمه لأنه حلف أنه يطويها

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ وَٱلۡأَرۡضُ جَمِيعٗا قَبۡضَتُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطۡوِيَّـٰتُۢ بِيَمِينِهِۦۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (67)

قوله تعالى : " وما قدروا الله حق قدره " قال المبرد : ما عظموه حق عظمته من قولك فلان عظيم القدر . قال النحاس : والمعنى على هذا وما عظموه حق عظمته إذا عبدوا معه غيره وهو خالق الأشياء ومالكها . ثم أخبر عن قدرته وعظمته فقال : " والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه " . ثم نزه نفسه عن أن يكون ذلك بجارحة فقال : " سبحانه وتعالى عما يشركون " . وفي الترمذي عن عبد الله قال : جاء يهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا محمد إن الله يمسك السماوات على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول أنا الملك . فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ثم قال : " وما قدروا الله حق قدره " . قال : هذا حديث حسن صحيح . وفي البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض ) . وفي الترمذي عن عائشة أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله : " والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه " قالت : قلت فأين الناس يومئذ يا رسول الله ؟ قال : ( على جسر جهنم ) في رواية ( على الصراط يا عائشة ) قال : حديث حسن صحيح . وقوله : " والأرض جميعا قبضته " ( ويقبض الله الأرض ) عبارة عن قدرته وإحاطته بجميع مخلوقاته ، يقال : ما فلان إلا في قبضتي ، بمعنى ما فلان إلا في قدرتي ، والناس يقولون الأشياء في قبضته يريدون في ملكه وقدرته . وقد يكون معنى القبض والطي إفناء الشيء وإذهابه فقوله جل وعز : " والأرض جميعا قبضته " يحتمل أن يكون المراد به والأرض جميعا ذاهبة فانية يوم القيامة ، والمراد بالأرض الأرضون السبع ، يشهد لذلك شاهدان : قوله : " والأرض جميعا " ولأن الموضع موضع تفخيم وهو مقتضٍ للمبالغة . وقوله : " والسماوات مطويات بيمينه " ليس يريد به طيا بعلاج وانتصاب ، وإنما المراد بذلك الفناء والذهاب ، يقال : قد انطوى عنا ما كنا فيه وجاءنا غيره . وانطوى عنا دهر بمعنى المضي والذهاب . واليمين في كلام العرب قد تكون بمعنى القدرة والملك ، ومنه قوله تعالى : " أو ما ملكت أيمانكم " [ النساء :3 ] يريد به الملك ، وقال : " لأخذنا منه باليمين " [ الحاقة : 45 ] أي بالقوة والقدرة أي لأخذنا قوته وقدرته . قال الفراء والمبرد : اليمين القوة والقدرة . وأنشدا :

إذا ما رايةٌ رفعت لمجد *** تلقاها عَرابَةُ باليمين{[13336]}

وقال آخر :

ولما رأيتُ الشمس أشرق نورها *** تناولتُ منها حاجتي بيمين{[13337]}

قَتَلتُ شُنَيْفًا ثم فَارَانَ بعده *** وكان على الآيات غيرَ أمينِ

وإنما خص يوم القيامة بالذكر وإن كانت قدرته شاملة لكل شيء أيضا ؛ لأن الدعاوى تنقطع ذلك اليوم ، كما قال : " والأمر يومئذ لله " [ الانفطار : 19 ] وقال : " مالك يوم الدين " [ الفاتحة : 3 ] حسب ما تقدم في " الفاتحة " {[13338]} ولذلك قال في الحديث : ( ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض ) وقد زدنا هذا الباب في التذكرة بيانا ، وتكلمنا على ذكر الشمال في حديث ابن عمر قوله : ( ثم يطوي الأرض بشماله ) .


[13336]:قائله الحطيئة. وقيل هو للشماخ.
[13337]:كذا في الأصول ولم نعثر على هذين البيتين فيما لدينا من المراجع.
[13338]:راجع ج 1 ص 142 طبعة ثانية أو ثالثة.
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ وَٱلۡأَرۡضُ جَمِيعٗا قَبۡضَتُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطۡوِيَّـٰتُۢ بِيَمِينِهِۦۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (67)

{ وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عن ما يشركون }

{ وما قدروا الله حق قدره } ما عرفوه حق معرفته ، أو ما عظموه حق عظمته حين أشركوا به غيره { والأرض جميعاً } حال : أي السبع { قبضته } أي مقبوضة له : أي في ملكه وتصرفه { يوم القيامة والسماوات مطويات } مجموعات { بيمينه } بقدرته { سبحانه وتعالى عما يشركون } معه .