تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ وَٱلۡأَرۡضُ جَمِيعٗا قَبۡضَتُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطۡوِيَّـٰتُۢ بِيَمِينِهِۦۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (67)

الكون خاضع لقدرته تعالى

{ وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ( 67 )ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ( 68 ) وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون ( 69 ) ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون ( 70 ) }

المفردات :

وما قدروا الله حق قدره : ما عرفوه حق معرفته حين أشركوا به غيره .

والأرض جميعا قبضته : أي أنّها ملكه وفي تصرفه وفي حوزته .

مطويات : مجموعات .

بيمينه : بقدرته .

67

التفسير :

67-{ وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون } .

أي : ما عظموا الله حق عظمته حين عبدوا معه غيره ، مع أنه الخالق المتصرف في شئون هذا الكون ، في الدنيا والآخرة فالأرض كلها في قبضته وفي تصرفه .

{ والسماوات مطويات . . . } مجموعات في يمينه ، وكلتا يديه يمين ، وهو سبحانه منزّه عن النظير ، والمثيل ، { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } . ( الشورى : 11 ) .

قال الزمخشري :

والغرض من هذا الكلام – إذا أخذته بجملته ومجموعه – تصوير عظمته ، والتوقيف على كنه جلاله لا غيره ، من غير ذهاب بالقبضة ولا باليمين إلى جهة حقيقة أو جهة مجاز . ا ه .

وأخرج الشيخان ، والنسائي ، وابن ماجة في جماعة آخرين ، عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية ذات يوم على المنبر : { وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه . . . } وهو يقول هكذا بيده يحركها يقبل بها ويدبر يمجد الرب نفسه ، أنا الجبار ، أنا المتكبر ، أنا الملك ، أنا العزيز ، أنا الكريم ، فرُجف برسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر حتى قُلنا ليخرّن به {[611]} .

وقال ابن كثير في تفسيره :

{ وما قدروا الله حق قدره . . . } أي : ما قدّر المشركون الله حق قدره حين عبدوا معه غيره ، وهو العظيم القادر على كل شيء ، وكل شيء تحت قدره وقدرته .

وقد وردت أحاديث كثيرة متعلقة بهذه الآية الكريمة ، والطريق فيها وفي أمثالها مذهب السلف ، وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تحريف ، وقد روى الشيخان – واللفظ للبخاري – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يقبض الله تعالى الأرض ويطوي السماء بيمينه ، ثم يقول : أنا الملك ، أين ملوك الأرض " . {[612]}


[611]:يأخذ الله عز وجل سماواته وأرضيه: رواه مسلم في صفة القيامة(2788) من حديث عبيد الله بن مقسم أنه نظر إلى عبد الله بن عمر كيف يحكي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يأخذ الله عز وجل سماواته وأرضيه بيديه فيقول: أنا الله، ويقبض أصابعه ويبسطها، أنا الملك، حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه حتى إني لأقول أساقط هو برسول الله صلى الله.
[612]:يقبض الله الأرض ويطوي: رواه البخاري في التفسير (4812) ومسلم في صفة القيامة (2787) من حديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى اله عليه وسلم يقول: " يقبض الله الأرض ويطوي السماوات بيمينه ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض".