بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ وَٱلۡأَرۡضُ جَمِيعٗا قَبۡضَتُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطۡوِيَّـٰتُۢ بِيَمِينِهِۦۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (67)

{ وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ } أي : ما عظموا الله حق عظمته ، ولا وصفوه حق صفته ، ولا عرفوا الله حق معرفته . وذلك أن اليهود والمشركين ، وصفوا الله تعالى بما لا يليق بصفاته ، فنزل : { وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ } وفيه تنبيه للمؤمنين ، لكيلا يقولوا مثل مقالتهم ، ويعظموا الله حق عظمته ، ويصفوه حق صفته ، { فَاطِرُ السماوات والأرض جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أزواجا وَمِنَ الأنعام أزواجا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شيء وَهُوَ السميع البصير } [ الشورى : 11 ] .

ثم قال : { والأرض جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القيامة } أي : في قدرته ، وملكه ، وسلطانه ، لا سلطان لأحد عليها ، وهذا كقوله : { مالك يَوْمِ الدين } [ الفاتحة : 4 ] . وقال القتبي : { في قَبْضَتُهُ } أي : في ملكه ، نحو قولك للرجل : هذا في يدك ، وقبضتك . أي في ملكك . { والسماوات مطويات بِيَمِينِهِ } أي : بقدرته . ويقال : في الآية تقديم . معناه : { والسماوات مطويات بِيَمِينِهِ } يوم القيامة . أي : في يوم القيامة . ويقال : { بِيَمِينِهِ } يعني : عن يمين العرش . وقال القتبي : { بِيَمِينِهِ } أي : بقدرته نحو قوله : { يا أيها النبي إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أزواجك اللاتي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ الله عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عماتك وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خالاتك اللاتى هاجرن مَعَكَ وامرأة مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا للنبيّ إِنْ أَرَادَ النبي أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ المؤمنين قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ في أزواجهم وَمَا مَلَكَتْ أيمانهم لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً } [ الأحزاب : 50 ] يعني : ما كانت لهم عليه قدرة . وليس الملك لليمين دون الشمال . ويقال : اليمين هاهنا الحلف ، لأنه حلف بعزته ، وجلاله ، ليطوينّ السماوات والأرض .

ثم نزّه نفسه ، فقال تعالى : { سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي : تنزيهاً لله تعالى . يعني : ارتفع ، وتعظم عما يشركون . يعني : عما يصفون له من الشريك .